جلسة 15 من ديسمبر سنة 2009
الطعن رقم 109 لسنة 96 تمييز مدني
) 1 ( قانون "إلغاء القانون".
إلغاء النص التشريعي. جواز أن يتم بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم. م ) 2 ( من القانون المدني. الإلغاء في الحالة الأخيرة لا يكون إلا في حدود التعارض بين القواعد القديمة والقواعد الجديدة.
) 2-4 ( اختصاص "الاختصاص الولائي: ما يخرج عن اختصاص المحاكم العادية: من اختصاص الدائرة الإدارية الاستئنافية: الطعن في قرارات مجلس تأديب المحامين". حكم "الطعن فيه" "تسبيب الحكم: عيوب التدليل: ما لا يُعد كذلك". محاماة "المساءلة التأديبية للمحامى". مسئولية "المسئولية التأديبية: الجزاء الإداري: تقديره".
) 2 ( اختصاص الدائرة الإدارية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف وحدها بنظر الطعون الواردة في البند رقم ) 3 ( من المادة ) 8 ( ق ) 7 ( لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الإدارية- ومنها الطعن على قرارات مجلس تأديب المحامين. تعارض ذلك مع نص المادة ) 72 ( من قانون المحاماة رقم ) 23 ( لسنة 2006 الذي يخول أي من دوائر محكمة الاستئناف الاختصاص بنظر الطعون على قرارات مجلس التأديب سالف الذكر. مؤداه. اعتبار النص الأخير منسوخاً في حدود التعارض بين القاعدة القديمة والقاعدة الجديدة.
) 3 ( تقدير الجزاء. الأصل أن يقوم على أساس التدرج تبعاً لجسامة الذنب الإداري. انعدام التناسب بين الذنب والجزاء الموقع عنه. خروجه من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية. أثره. خضوعه لرقابة القضاء.
) 4 ( انتهاء الحكم المطعون فيه سائغاً إلى أن المخالفة المسندة إلى المحامي من المخالفات الجسيمة وأن الجزاء الموقع عليه لا يتناسب مع تلك المخالفة وتوقيعه جزاءً أشد عليه. النعى على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لاختصاص المحكمة بنظر طلب الإلغاء دون تعديل الجزاء ومدى تناسبه مع الفعل. لا أساس له.
1- المقرر- وعلى ما نصت عليه المادة ) الثانية ( من القانون المدني- فإن إلغاء التشريع قد يتم بنص صريح يتضمنه تشريع لاحق، وقد يتم ضمناً بصدور تشريع جديد يتضمن ما يتعارض مع تشريع قديم، وفي هذه الحالة لا يكون الإلغاء إلا في حدود التعارض بين القواعد القديمة وبين القواعد الجديد.
2- النص في المادتين ) 67 و72 ( من القانون رقم ) 23 ( لسنة 2006 بإصدار قانون المحاماة أنه "يتولى تأديب المحامين مجلس يشكل برئاسة قاض بمحكمة الاستئناف، ويجوز الطعن في قراراته أمام محكمة الاستئناف"، ثم صدر القانون رقم ) 7 ( لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الإدارية، ونص في مادته ) الثامنة ( على أن "تنشأ بمحكمة الاستئناف دائرة تسمى الدائرة الإدارية الاستئنافية تشكل من ثلاث قضاة وتختص بالنظر في: 1-..... 2-..... 3- طلبات الإلغاء والتعويض عن قرارات مجالس التأديب وقرارات الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي"، ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن الدائرة الإدارية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف أصبحت وحدها المختصة بنظر الطعون في القرارات المبينة بالبند رقم ) 3 ( من المادة ) الثامنة ( من القانون رقم ) 7 ( لسنة 2007 آنف الذكر، مما يقيم تعارضاً واضحاً بين نص هذه المادة وبين نص المادة ) 72 ( من قانون المحاماة رقم ) 23 ( لسنة 2006 التي تخول أي من دوائر محكمة الاستئناف اختصاص النظر في تلك المنازعات في وقت لم يكن الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية معقوداً للقضاء فيما عدا المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية، وبالتالي يعتبر النص الأخير منسوخاً في حدود التعارض بين القاعدة القديمة والقاعدة الجديدة والتي أضحت بمقتضاها الدائرة الإدارية الاستئنافية هي المختصة بنظر الطعون في قرارات مجلس تأديب المحامين.
3- الأصل في تقدير الجزاء أن يقوم على أساس التدرج تبعاً لدرجة جسامة الذنب الإداري، فانعدام التناسب الظاهر بين الذنب الإداري والجزاء الموقع عنه يخرج الجزاء من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية، ومن ثم يخضع لرقابة المحكمة.
4- لما كان الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن المخالفة المسندة إلى المحامي تعد من المخالفات الجسيمة باعتبار أن المحاماة مهنة حرة تهدف إلى تحقيق العدالة وتسهم مع القضاء في إرساء قواعدها وتعاون المتقاضين في الدفاع عن حقوقهم، وترتيباً على ذلك وللصالح العام المتعلق بإرساء التقاليد السامية لمهنة المحاماة، فإن الجزاء الموقع على المشكو في حقه لا يتناسب مع المخالفة المسندة إليه وطبقاً للقواعد السابق بيانها، فإنه يتعين توقيع جزاء أشد عليه وذلك بالإيقاف عن مزاولة المهنة ثلاثة أشهر، وكان الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه هو استخلاص سائغ وصحيح ومما يدخل في سلطة المحكمة التقديرية، ويضحى النعي لذلك قائماً على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده أحال المحامي الطاعن للمحاكمة التأديبية أمام مجلس التأديب لمجازاته عما أسند إليه في الدعوى التأديبية رقم 21 لسنة 2007 من خروجه على مبادئ الشرف والنزاهة والأمانة التي تقتضيها مهنة المحاماة وذلك بتمثيله مصالح متعارضة في الاستئنافين رقمي 505/2003، 45/2006، فقرر مجلس تأديب المحامين مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم. طعن المطعون ضده على هذا الحكم بالاستئناف رقم 45/2008 أمام الدائرة الإدارية طالباً تشديد العقوبة على الطاعن وبجلسة 28/4/2009 حكمت المحكمة بتعديل القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بالوقف عن مزاولة مهنة المحاماة لمدة ثلاثة أشهر. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز. عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة في غرفة المشورة- فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الاختصاص بنظر الطعن فر قرارات مجلس تأديب المحامين يكون للدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف وليس الدائرة الإدارية باعتبار أنها قرارات قضائية صادرة من سلطة قضائية ولا تخضع لتصديق جهة أخرى وأن القضاء الإداري يختص فقط بنظر طعون الإلغاء والتعويض دون التعديل بالتخفيف أو التشديد، وإذ صدر الحكم المطعون فيه من الدائرة الإدارية بمحكمة الاستئناف، فإن ذلك يعد مخالفاً للقانون مما يستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه- وعلى ما نصت عليه المادة الثانية من القانون المدني- فإن إلغاء التشريع قد يتم بنص صريح يتضمنه تشريع لاحق، وقد يتم ضمناً بصدور تشريع جديد يتضمن ما يتعارض مع تشريع قديم، وفي هذه الحالة لا يكون الإلغاء إلا في حدود التعارض بين القواعد القديمة وبين القواعد الجديدة، وكان النص في المادتين ) 67 و72 ( من القانون رقم ) 23 ( لسنة 2006 بإصدار قانون المحاماة أنه "يتولى تأديب المحامين مجلس يشكل برئاسة قاض محكمة الاستئناف، ويجوز الطعن في قراراته أمام محكمة الاستئناف"، ثم صدر القانون رقم ) 7 ( لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الإدارية، ونص في مادته الثامنة على أن "تنشأ بمحكمة الاستئناف دائرة تسمى الدائرة الإدارية الاستئنافية تشكل من ثلاث قضاة وتختص بالنظر في: 1-..... 2-...... 3- طلبات الإلغاء والتعويض عن قرارات مجالس التأديب وقرارات الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي"، ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن الدائرة الإدارية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف أصبحت وحدها المختصة بنظر الطعون في القرارات المبينة بالبند رقم ) 3 ( من المادة الثامنة من القانون رقم ) 7 ( لسنة 2007 آنف الذكر، مما يقيم تعارضاً واضحاً بين نص هذه المادة وبين نص المادة ) 72 ( من قانون المحاماة رقم ) 23 ( لسنة 2006 التي تخول أي من دوائر محكمة الاستئناف اختصاص النظر في تلك المنازعات في وقت لم يكن الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية معقوداً للقضاء فيما عدا المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية، وبالتالي يعتبر النص الأخير منسوخاً في حدود التعارض بين القاعدة القديمة والقاعدة الجديدة والتي أضحت بمقتضاها الدائرة الإدارية الاستئنافية هي المختصة بنظر الطعون في قرارات مجلس تأديب المحامين. لما كان ذلك، فإن النعي بهذا السبب يكون قائماً على غير أساس مما يتعين رفضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لأن المشرع جعل الاختصاص للمحكمة في حالة طلب إلغاء الحكم دون تعديل الجزاء ومدى تناسبه مع الفعل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً مما يستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن الأصل في تقدير الجزاء أن يقوم على أساس التدرج تبعاً لدرجة جسامة الذنب الإداري فانعدام التناسب الظاهر بين الذنب الإداري والجزاء الموقع عنه يخرج الجزاء من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن المخالفة المسندة إلى المحامي تعد من المخالفات الجسيمة باعتبار أن المحاماة مهنة حرة تهدف إلى تحقيق العدالة وتسهم مع القضاء في إرساء قواعدها وتعاون المتقاضين في الدفاع عن حقوقهم، وترتيباً على ذلك وللصالح العام المتعلق بإرساء التقاليد السامية لمهنة المحاماة، فإن الجزء الموقع على المشكو في حقه لا يتناسب مع المخالفة المسندة إليه وطبقاً للقواعد السابق بيانها، فإنه يتعين توقيع جزاء أشد عليه وذلك بالإيقاف عن مزاولة المهنة ثلاثة أشهر، وكان الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه هو استخلاص سائغ وصحيح ومما يدخل في سلطة المحكمة التقديرية، ويضحى النعي لذلك قائماً على غير أساس.