جلسة 3 من ديسمبر سنة 2008
الطعن رقم 92 لسنة 2008 تمييز مدني
) 2،1 ( حكم "تسبيبه". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص تحديد المسئولية والإعفاء منها". مسئولية "المسئولية العقدية: تحديدها والإعفاء منها".
) 1 ( المسئولية العقدية. جواز الاتفاق على تحديدها أو الإعفاء منها. م) 170/2 ( من القانون المدني رقم ) 22 ( لسنة 2004.
) 2 ( استخلاص نية العاقدين في تقرير تحديد المسئولية أو الإعفاء منها. من سلطة محكمة الموضوع بما تراه أوفى بمقصود عاقدها. ) مثال لاستخلاص سائغ بشأن الاتفاق على تحديد المسئولية عند فسخ العقد قبل انتهاء مدته.
) 3 ( تمييز "أسباب الطعن: أسباب قانونية يخالطها واقع، الأسباب الجديدة".
سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع. سبب جديد. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز.
1- مفاد نص المادة ) 170/2 ( من القانون المدني رقم ) 22 ( لسنة 2004 أنه يجوز الاتفاق على تحديد المسئولية العقدية أو الإعفاء منها.
2- استخلاص نية العاقدين في تقرير تحديد المسئولية العقدية أو الإعفاء منها، هي من الأمور التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع في تفسير صيغ العقود والمحررات بما هو أوفى بمقصود العاقدين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن النص في الفقرة الرابعة من المادة ) 2 ( من الاتفاق المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها في / /، إنما قصد به تحديد مسئولية كلا المتعاقدين عند فسخ العقد قبل انتهاء مدته لما قد يترتب على ذلك من أضرار حصرها في تكاليف تجهيز الموقع وتوفير البنية التحتية اللازمة، ونص على أن تقسم قيمتها بالتساوي بينهما، ويترتب على ذلك قضاءه بإلزام المطعون ضدها بنصف قيمة هذه التكاليف – هو أيضاً ما طلبت الطاعنة الحكم به في مذكرتها الختامية المقدمة لمحكمة أول درجة – وكان ذلك الذي خلص إليه الحكم لا مخالفة فيه للثابت في الأوراق، وساقت له أسباباً سائغة كافية لحمله وفيها الرد المسقط لكافة ما أثارته الطاعنة من دفاع وأقوال وحجج.
3- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التمسك أمام محكمة التمييز بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع، ولم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، لا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة، وكان دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي – من أن عدول المطعون ضدها عن تنفيذ الاتفاق انطوى على غش وخطأ جسيم هو دفاع لم يسبق للطاعنة إبداؤه أمام محكمة الموضوع رغم تعلقه بواقع لم يكن معروضاً على تلك المحكمة، فإنه يكون سبباً جديداً لا يجوز التحدي به أمام محكمة التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ) ( مدني كلي بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها – وحسبما جاء بطلباتها الختامية أمام محكمة أول درجة – بأن تؤدي لها أولاً: مبلغ 5,157,000 ريال قيمة ما لحقها من خسارة. ثانيا: مبلغ 34,380,000 ريال قيمة ما فاتها من كسب. ثالثاً: مبلغ 5,000,000 ريال تعويضاً أدبياً. رابعاً: مبلغ 33,400 ريال حسبما جاء بتقرير الخبير. خامساً: مبلغ 6,874,000 ريال قيمة الكبائن والمعدات المملوكة لها والتي أتلفتها المطعون ضدها، وقالت الطاعنة شرحاً لدعواها إنه بموجب عقد مؤرخ 14/3/2005 تم الاتفاق فيما بينها والمطعون ضدها على إنشاء مشروع سكني للعمال في مدينة ) ( على قطعتي أرض مملوكتين للمطعون ضدها وعلى أن تقوم هي بتقديم الكبائن اللازمة وتركيبها، وبالفعل بدأت في التنفيذ بتوفير العديد من الكبائن والمعدات الثقيلة لأعمال الحفر وتجهيز الموقع بتوفير المياه ومواد البناء، وبتاريخ 3/7/2005 أخطرتها المطعون ضدها بانسحابها من المشروع وفسخ العقد بسبب التأخر في الحصول على التراخيص اللازمة. وإذ أصابها هذا العدول عن تنفيذ العقد من جانب المطعون ضدها بأضرار مادية وأدبية فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعنة مبلغ 2,066,800 ريال ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت الطاعنة الحكم برقم 758/2007، كما استأنفته المطعون ضدها برقم 760/2007. ضمت المحكمة الاستئنافين وقضت 30/4/2008 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعنة مبلغ 88,400 ريال. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز. وعرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة المشورة – فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالأسباب الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق، وحاصل ما تقوله في بيان ذلك إن الحكم التفت عن طلبها التعويض عما فاتها من كسب وقضى لها بنصف ما أنفقته في تجهيز الموقع ونقل بعض المعدات والمواد الأولية بقالة إن النص في الفقرة الرابعة من المادة ) 2 ( من العقد المؤرخ 14/3/2005 هو بمثابة على تحديد المسئولية وسقف التعويض في حالة إنهاء التعاقد قبل انتهاء مدة الخمس سنوات، رغم أن ما قصده المتعاقدان من هذا النص ليس تحديد المسئولية وسقف التعويض في حالة انتهاء العقد قبل استكمال مدته وإنما هو مجرد معالجة تم إنفاقه في تجهيز الموقع وتوفير البنية التحتية باقتسام هذه النفقات فيما بين المتعاقدان في حالة إنهاء العقد، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مفاد نص المادة ) 170/2 ( من القانون المدني رقم ) 22 ( لسنة 2004 أنه يجوز الاتفاق على تحديد المسئولية العقدية أو الإعفاء منها، وكان استخلاص نية العاقدين في تقرير هذا التحديد أو الإعفاء من المسئولية، هي من الأمور التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع في تفسير صيغ العقود والمحررات بما هو أوفى بمقصود العاقدين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن النص في الفقرة الرابعة من المادة ) 2 ( من الاتفاق المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها في 14/3/2005، إنما قصد به تحديد مسئولية كلا المتعاقدين عند فسخ العقد قبل انتهاء مدته لما قد يترتب على ذلك من أضرار حصرها في تكاليف تجهيز الموقع وتوفير البنية التحتية اللازمة، ونص على أن تقسم قيمتها بالتساوي بينهما، ويترتب على ذلك قضاءه بإلزام المطعون ضدها بنصف قيمة هذه التكاليف – هو أيضاً ما طلبت الطاعنة الحكم به في مذكرتها الختامية المقدمة لمحكمة أول درجة – وكان ذلك الذي خلص إليه الحكم لا مخالفة فيه للثابت في الأوراق، وساقت له أسباباً سائغة كافية لحمله وفيها الرد المسقط لكافة ما أثارته الطاعنة من دفاع وأقوال وحجج، بما يضحى معه النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ لم يراع الحكم أنه وبفرض وجود اتفاق على تحديد المسئولية وسقف التعويض، فإن موقف المطعون ضدها قد انطوى على سوء القصد والخديعة بامتناعها عن الاستمرار في تنفيذ الاتفاق بإرادتها المنفردة بحجة عدم استخراج التراخيص، رغم كونه من التزاماتها التي يقع عليها عبء تنفيذه ولم يرتب الحكم أثر الغش والخطأ الجسيم، وما يرتبه من جواز زيادة التعويض المقضي به عما اتفق عليه المتعاقدون، مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، إذ المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التمسك أمام محكمة التمييز بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع، ولم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة، وكان دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي – من أن عدول المطعون ضدها عن تنفيذ الاتفاق انطوى على غش وخطأ جسيم هو دفاع لم يسبق للطاعنة إبداؤه أمام محكمة الموضوع – رغم تعلقه بواقع لم يكن معروضاً على تلك المحكمة – فإنه يكون سبباً جديداً لا يجوز التحدي به أمام محكمة التمييز.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.