جلسة 2 من ديسمبر سنة 2008
الطعن رقم 117 لسنة 2008 تمييز مدني
) 1 ( استئناف "رفع الاستئناف: الاستئناف الفرعي".
الاستئناف الفرعي. شرطه. م) 174 ( مرافعات. جواز إقامته عن طلبات لم يرد عليها الاستئناف الأصلي.
) 2 ( دعوى "الصفة في الدعوى". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن استخلاص توافر الصفة في الدعوى".
استخلاص توافر الصفة في الدعوى. واقع. استقلال قاضي الموضوع به. حسبه بيان الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
) 3 ( التزام "انقضاء الالتزام: تقادم الالتزام". تقادم "التقادم المسقط".
الالتزام. تقادمه بمضي خمس عشرة سنة فيما لم يرد بشأنه نص خاص. م) 195 ( من القانون المدني القديم المقابل لنص المادة ) 403 ( من القانون الحالي.
) 4 ( شيوع "إدارة المال الشائع". وكالة "تقادم المبالغ التي يؤديها الوكيل لحساب موكله".
تولي أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض الباقين. أثره. اعتباره وكيلاً عنهم. مقتضاه. عدم سريان تقادم الدين فيما بين الشريك وباقي الشركاء طوال مدة قيام الوكالة. علة ذلك.
1- النص في المادة ) 174 ( من قانون المرافعات على أنه "ويجوز للمستأنف عليه إلى ما قبل إقفال باب المرافعة أن يرفع استئنافاً مقابلاً بالإجراءات المعتادة أو بمذكرة مشتملة على أسباب استئنافه، فإذا رفع الاستئناف المقابل بعد مضي ميعاد الاستئناف أو بعد قبول الحكم قبل رفع الاستئناف الأصلي اعتبر استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله"، يدل ذلك على أن القانون أجاز رفع الاستئناف الفرعي إلى ما قبل قفل باب المرافعة متى كان المستأنف عليه لم يقبل الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي عنه، وكان هذا الحكم يتضمن قضاءً ضاراً به، بمعنى أن يكون قد رفض له بعض طلباته، أو قضى ضده في أحد طلبات خصمه، دون أن يحول قصر الاستئناف الأصلي على بعد طلبات المستأنف أمام محكمة أول درجة من أن يوجه الاستئناف الفرعي، ليس فقط عن قضاء الحكم في هذا الطلب، وإنما أيضاً في قضائه في الطلبات والمسائل الأخرى التي لم يرد عليها الاستئناف الأصلي.
2- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه بشأنها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
3- النص في المادة ) 195 ( من القانون المدني ) الملغي ( المقابل لنص المادة ) 403 ( من القانون الحالي قد حدد المدة التي يتقادم بها الالتزام بخمس عشرة سنة، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص.
4- إذ كانت إدارة أحد الشركاء للمال الشائع دون اعتراض من الباقين تجعله وكيلاً عنهم، وكان مفاد هذه الوكالة الضمنية التي صدرت إلى الشريك الذي تطوع لإدارة هذا المال من باقي الشركاء تقتضي ألا يسري التقادم فيما بينه وبين هؤلاء الآخرين باعتبارهم موكلين طوال مدة قيام الوكالة، لأن دين الموكل قبل موكله لا يبدأ تقادمه إلا من هذا التاريخ وبعد تصفية الحساب بينهما.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل – في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ) ( مدني كلي بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ 5,804,000 ريال قيمة ما دفعه للآخر لاسترداد نصف عقار مملوك له كان النزاع مطروحاً بشأنه في دعوى أخرى وإلزامه بمبلغ مليون ريال على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية، وقال بياناً لذلك إنه كان مالكاً لعقار مساحته 3145م عبارة عن ست فلل سكينة رهنت لبنك ) ( ضماناً لسداد تسهيلات مصرفية وقد تم تصفية البنك فطلب المصفي الطاعن بسداد الدين وعرض الأخير مبلغ ثلاثة ملايين ريال مقابل رفع الرهن لكي يتمكن من بيع العقار وتم الاتفاق على ذلك، وبناءً عليه باع الطاعن العقار على مصرف ) ( ثم نشب خلاف بين الطاعن والمصفي أقام الطاعن دعوى صحة عقد التنازل وأقام المطعون ضده دعوى فسخ العقد. قضت المحكمة بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن مبلغ 924,823,5 ريال وفسخ عقد التنازل، طعن الطرفين بالاستئناف وأثناء ذلك قام المطعون ضده ببيع كامل العقار لشخص آخر، فأقام الطاعن دعوى استرداد وقضي له بأحقيته في استرداد العقار مقابل 11,589,000 ريال. استأنف الطاعن الحكم برقم 539/2007، كما وجه المطعون ضده للطاعن استئنافاً فرعياً. وبتاريخ 28/5/2008 قضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف في شقة الأول والثاني إلى إلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن مبلغ 5,406,107 ريال ورفض ما عدا ذلك من الطلبات في الإستئنافين. طعن الطاعن في الحكم بطريق التمييز وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة المشورة – حددت جلسة لنظرة.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف الفرعي الذي وجهه المطعون ضده إلى طلب الحكم برفض دعوى الطاعن دون أن يقصره على الحكم بما قضى به الحكم المستأنف، وهو ما يخضعه للقواعد العامة باعتباره استئنافاً أصلياً رفعه صاحبه بعد الميعاد، مما كان يقتضي الحكم بسقوط الحق فيه، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة ) 174 ( من قانون المرافعات على أنه "ويجوز للمستأنف عليه إلى ما قبل إقفال باب المرافعة أن يرفع استئنافاً مقابلاً بالإجراءات المعتادة أو بمذكرة مشتملة على أسباب استئنافه فإذا رفع الاستئناف المقابل بعد مضي ميعاد الاستئناف أو بعد قبول الحكم قبل رفع الاستئناف الأصلي اعتبر استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله."، يدل ذلك على أن القانون أجاز رفع الاستئناف الفرعي إلى ما قبل قفل باب المرافعة متى كان المستأنف عليه لم يقبل الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي عنه، وكان هذا الحكم يتضمن قضاء ضاراً به، بمعنى أن يكون قد رفض له بعض طلباته، أو قضى ضده في أحد طلبات خصمه، دون أن يحول قصر الاستئناف الأصلي على بعد طلبات المستأنف أمام محكمة أول درجة من أن يوجه الاستئناف الفرعي، ليس فقط عن قضاء الحكم في هذا الطلب وإنما أيضاً في قضائه في الطلبات والمسائل الأخرى التي لم يرد عليها الاستئناف الأصلي، وإذ وافق قضاء الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الاستئناف الفرعي شكلاً، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب غير قائم على أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع دعوى المطعون ضده الفرعية بعدم القبول لرفعها عليه وهو غير ذي صفة في المطالبة بريع العقار، وبالتالي إجراء المقاصة به مع ما هو ملتزم بأدائه له، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من أنه كان هو الذي يحصل ريع العقار ويقتضيه، حال إن الثابت بالأوراق أن الحائز له والذي يقوم بإدارته وتحصيل أجرته شركة أخرى لها شخصيتها المعنوية وتنفصل عنه بذمتها المالية المستقلة، مما كان يقتضي توجيه مطالبة خصمه إليها دونه، وبالتالي عدم قبول الدعوى الفرعية قبله لرفعها على ذي صفة خلافاً لما قضى به الحكم المطعون فيه، وهو ما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه بشأنها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الفرعية برفعها على غير ذي صفة على ما استخلصه من أوراق الدعوى، أن الطاعن هو الذي يدير عقار النزاع ويتحصل على أجرته ويحتفظ بها لديه، فإنه لا يعيب الحكم إسباغه لحق المطعون ضده في استيداء نصيبه من شريكه الطاعن فيما حصله من ريع العقار المملوك لهما، ويضحى النعي بذلك قائماً على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ التفت عن الدفع الذي أبداه بسقوط حق المطعون ضده في استيداء نصيبه في ريع العقار المملوك مناصفة لهما لمضي أكثر من ثلاث سنوات سابقة على رفع دعواه الفرعية بالمقاصة بين ما يستحقه فيه وبين دين الطاعن عليه، ما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة ) 195 ( من القانون المدني ) الملغي ( المقابل لنص المادة ) 403 ( من القانون الحالي قد حدد المدة التي يتقادم بها الالتزام بخمس عشرة سنة، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص، وكانت إدارة أحد الشركاء للمال الشائع دون اعتراض من الباقين تجعله وكيلاً عنهم، وكان مفاد هذه الوكالة الضمنية التي صدرت إلى الشريك الذي تطوع لإدارة هذا المال من باقي الشركاء تقتضي ألا يسري التقادم فيما بينه وبين هؤلاء الآخرين باعتبارهم موكلين طوال مدة قيام الوكالة، لأن دين الموكل قبل موكله لا يبدأ تقادمه إلا من هذا التاريخ وبعد تصفية الحساب بينهما. لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق وعلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، أن العقار مملوك للمتخاصمين مناصفة بينهما وأن الطاعن هو الحائز له منذ بيعه في مارس 1997، وأن المطعون ضده يستحق نصيبه فيما حصله شريكه من ريعه منذ هذا التاريخ، وكانت الدعوى الماثلة وطلب المطعون ضده فيها إجراء المقاصة بين حق الطاعن وبين ما يستحقه لديه من ريع سابق على اكتمال المدة اللازمة لسقوط الحق بالتقادم، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ إذ التفت عن الدفع الذي أبداه الطاعن في هذا الشأن اكتفاء بأسباب الحكم الابتدائي الذي لم يناقضه فيما انتهى إليه بشأنه، ويكون النعي بذلك غير قائم على أساس.