جلسة 28 من أكتوبر سنة 2008
الطعن رقم 94 لسنة 2008 تمييز مدني
) 1 ( استئناف "الخصوم في الاستئناف: أشخاص الخصومة". دعوى "الخصوم فيها".
الخصومة في الاستئناف. نطاقها. يتحدد بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة أول درجة. م ) 173 ( مرافعات. الخصم هو من توجه منه أو إليه طلبات في الدعوى.
) 2-7 ( إثبات "من طرق الإثبات: القرائن". أحوال شخصية "الولاية على المال: طلب الحجز". أهلية "عوارض الأهلية". حكم "حجيته: ما يحوز الحجية" "حجية الأحكام في مسائل الأحوال الشخصية". دعوى "دعوى الحجز". نظام عام.
) 2 ( حجية الأحكام. قيامها على قرينة قانونية قاطعة هي أن الحكم هو عنوان الحقيقة. مؤداه. عدم جواز إعادة طرح النزاع أو قبول إثبات ما يخالفه. م ) 300 ( مرافعات. تعلق ذلك بالنظام العام.
) 3 ( الحقيقة القضائية. قرينة على الحقيقة الواقعية. أثر ذلك. ذات حجية مطلقة إذا تعلقت بمصلحة المجتمع وحجية نسبية إذا تعلقت بمصالح الأفراد.
) 4 ( مسائل الأحول الشخصية. ماهيتها. الأحكام الصادرة فيها. حجيتها مطلقة قبل الكافة. علة ذلك.
) 5 ( النزاع في مواد الولاية على المال. ليس خصومة حقيقية. انطواؤه على معنى الحسبة. علة ذلك.
) 6 ( طلب الحجز. ماهيته. الحكم الصادر بشأنه. حجيته مطلقة قبل الكافة. لا يغير من ذلك إقامة المشرع في المادتين ) 118 ( و ) 119 ( مدني والمادة ) 35 ( ق ) 40 ( لسنة 2004 بشأن الولاية على أموال القاصرين من صدور قرار الحجر وقيده قرينة قانونية على علم الغير به. إعمال هذه القرينة. محلها. تقدير صحة أو بطلان التصرفات الصادرة من المحجور عليه دون ما عداه.
) 7 ( الحكم الصادر بالحجر على المعتوه. حجة على الكافة ولو خفى أمره على البعض.
) 8 ( أهلية "أهلية التقاضي". دعوى "انعقاد الخصومة: شروطها".
انعقاد الخصومة. شرطه. أن يكون طرفاها أهلاً للتقاضي وإلا قام مقامهما من يمثلهما. التزام الخصم بمراقبة ما يطرأ على خصمه من وفاة أو تغيير في الصفة أو الحالة. علة ذلك.
) 9 ( دعوى "تقدير قيمة الدعوى: في دعوى الشفعة". شفعة "دعوى الشفعة: تقدير قيمتها".
دعوى الشفعة. تعلقها بملكية العقار المشفوع فيه. أثره. تقدير قيمتها بقيمة ذلك العقار. م ) 534 ( مرافعات.
) 10-12 ( استئناف "رسم الاستئناف". بطلان "بطلان الإجراءات: ما لا يؤدي إليه". "بطلان الحكم". دعوى "رسوم الدعاوى: تقدير قيمتها". رسوم "رسوم الدعاوى".
) 10 ( رسم الاستئناف في الدعاوى معلومة القيمة. تقديره على أساس الفئات المبينة بالمادة ) 532 ( مرافعات.
) 11 ( المخالفة المالية في القيام بعمل إجرائي. لا يترتب عليها بطلان العمل ما لم ينص القانون على غير ذلك.
) 12 ( الدعوى التي لم تُسدد عنها الرسوم المقررة. وجوب اسبعاد المحكمة لها من جدول القضايا. م) 529 ( مرافعات. مخالفة ذلك. أثره. عدم بطلان الحكم الصادر فيها.
1- المقرر- أن الخصومة في الاستئناف- طبقاً لنص المادة ) 173 ( من قانون المرافعات- إنما تتحدد بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة أول درجة، والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات منه أو إليه في الدعوى.
2- لما كانت حجية الأحكام- وعلى نحو ما نصت عليه المادة ) 300 ( من قانون المرافعات- تقوم على أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها أن حكم القاضي هو عنوان الحقيقة بما فرضه المشرع فيه من حجية لا يجوز معها إعادة طرح النزاع من جديد، أو قبول إثبات ما يخالفه، وذلك رعاية لحسن سير العدالة وضماناً للاستقرار واتقاء تأبيد المنازعات أو وقوع تعارض بين الأحكام، وهي أمور متعلقة بالنظام العام، بل وتسمو على اعتباراته.
3- الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية، ويقتصر أثر هذه القرينة على تخويل الخصوم حق التمسك بها، والمحاكم حق إثارتها من تلقاء نفسها، كما يتوقف مداها- من حيث كونها مطلقة أو نسبية- على طبيعة ونوع المسألة التي قامت عليها تلك الحقيقة ومدى تعلقها بالنظام العام ومصلحة المجتمع العامة أو بمصالح الأفراد الخاصة، فإن كانت متعلقة بمصالح عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع، وكانت سلطة المحكمة في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم ولا مرهونة بما يقدمونه من أدلة، وذلك كالمسائل الجنائية أو مسائل الأحوال الشخصية والتي تأبى طبيعتها إلا أن تكون عامة، فإن حجيتها تكون مطلقة وقبل الناس كافة، أما إذا كانت متعلقة بمصلحة الأفراد أو حقوقهم الذاتية ومرهونة بالتالي بإرادة الخصوم وما يقدمونه من أدلة، فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على أطرافها دون سواهم.
4- إذا كانت مسائل الأحوال الشخصية وهي مجموعة متميزة من الصفات الطبيعية أو العائلية للشخص رتب القانون عليها أثراً في حياته الإجتماعية ككونه ذكراً أو أنثى وكونه زوجاً أو مطلقاً، وكونه أباً أو إبناً، وكونه كامل الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون، وباعتبار أنها تقوم على تقرير مراكز قانونية أو حالات أو صفات معينة يرتب عليها القانون أثراً في الحياة الإجتماعية للأشخاص، فإن الأحكام الصادرة بشأنها تكون لها بهذه المثابة حجية مطلقة قبل الكافة، وذلك دون التفات لما إذا كانت تلك الأحكام مقررة أو منشئة لما تضمنته من حقوق، إذ أن الحقيقة القضائية في مسائل الأحوال الشخصية كالإسم والأهلية والزواج والبنوة- سواء كانت الأحكام صادرة إيجابياً بالقبول أو سابياً بالرفض- لا تعدو- وكما سلف البيان- أن تكون تقريراً لمركو قانوني أو حالة أو صفة تتميز في ذاتها بالوحدة والإطلاق وعدم القابلية للتجزئة، وترتب آثاراً من شأنها تحديد وضع الشخص في المجتمع، مما لازمه أ، تكون هذه الآثار واحدة ومطلقة وعامة قبل الكافة، ومسلماً بها منهم.
5- النزاع في مواد الولاية على المال ينطوي في حقيقته على معنى الحسبة حفاظاً على أموال ناقص الأهلية وعديمها وليس بخصومة حقيقية.
6- إذ كان طلب الحجر لعارض من عوارض الأهلية يستهدف مصلحة خاصة ومصالح عامة ترجع كلها إلى حفظ مال من لا يستطيع المحافظة على ماله، فهو بهذه المثابة طلب شخصي لصيق بإنسان على قيد الحياة هو المطلوب الحجر عليه، إذ تستعدي حالته اتخاذ تدابير معينة لحمايته من نفسه ومن الغير، وذلك بفرض القوامة عليه بإجراءات توجه إلى شخص المطلوب الحجر عليه، وإذا كان القانون قد أجاز لأي من الأقارب أو الأشخاص طلب توقيع الحجر والحضور في إجراءاته والطعن في حكمه باعتبار أنها دعوى حسبة على ما سلف ذكره، فإن ذلك لا يعني أنه طرف في دعوى الحجر ولا خصماً للمطلوب الحجر عليه، إذ أنه لا يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي قبله، ومن ثم يبقى المدعى عليه وحده هو المقصود بالحماية وصاحب الحق في الدعوى، ولذلك فإنها تتوقف على وجوده وتنقضي بوفاته، وإذ كان ذلك فإن الحكم الذي يصدر في دعوى الحجر تكون له حجية مطلقة قبل الكافة أياً وجه قضائه سواء بإجابة الطلب- أي بتقدير عارض الأهلية لدى المدعى عليه وبتوقيع الحجر- أو برفض الطلب أي بنفي عارض الأهلية عن المدعى عليه وتقرير اكتمال أهليته، وذلك لأنه ينطوي في الحالتين على تقرير مركز قانوني يتحدد به وضع المدعى عليه في المجتمع وحالة رتب عليها القانون آثاراً معينة في حياته وصفة تتميز بالوحدةوالإطلاق، بما يقتضي أن تكون قائمة في مواجهة الكافة وأن تكون مسلماً بها منهم، ومن ثم تكون للحكم بهذه المثابة حجية مطلقة، ولا يغير من هذا أن المشرع أقام في المادتين ) 118) و) 119 ( من القانون المدني- وهو ذات ما رددته المادة ) 35 ( من قانون الولاية على أموال القاصرين رقم ) 40 ( لسنة 2004- من صدو
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن أقام في 16/12/2004 الدعوى رقم ) ( على المطعون ضدهما بطلب الحكم بأحقيته في أخذ قطعة الأرض المبينة بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 2394721 ريال، وقال بياناً لذلك إنه علم أن المطعون ضدها الثانية باعت هذه الأرض إلى المطعون ضده الأول مقابل الثمن المذكور، ولأنه يمتلك العقار المجاور للأرض المشفوع فيها ويحق له الشفعة فيها فقد أعلنهما برغبته في أخذها بالشفعة وأوردع الثمن وأقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بإجابة الطاعن إلى طلبه. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 لسنة 2008 وطلب إلغاءه والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي أهل للتقاضي لأنه معتوه ومحجور عليه بموجب الحكم النهائي الصادر من المحكمة الشرعية بتاريخ 12/9/2004 في الطلب رقم ) ( لسنة 2004. بتاريخ 30/4/2008 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي أهلية كاملة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز، ونظر الطعن أمام هذه المحكمة- في غرفة المشورة- فحددت جلسة لنظره.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من المطعون ضده الأول بشخصه وهو ناقص الأهلية، وليس أهلاً للتقاضي بشخصه وإنما يجب أن ينوب عنه من يمثله قانوناً، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وقبل الاستئناف مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الخصومة في الاستئناف- طبقاً لنص المادة ) 173 ( من قانون المرافعات- إنما تتحدد بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أنام محكمة أول درجة، والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات منه أو إليه في الدعوى. ولما كان الواقع أن المطعون ضده الأول لم يختصم أمام المحكمة الإبتدائية في شخص ممثله القانون وإنما اختصم بشخصه كمدعى عليه، وكان الحكم الابتدائي قد قضى عليه بطلبات الطاعن الموجهة إليه، فإنه إذا استأنف هذا الحكم بشخصه، فإن الاستئناف يكون قد رفع صحيحاً لأنه أقيم من الخصم المحكوم عليه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع الذي أبداه الطاعن بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي أهلية كاملة ورفضه مقيماً قضاءه في هذا الخصوص على ما يتفق مع النظر المتقدم، فإنه لا يكون معيباً ويضحى النعي على غير أساس.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه لم يكن طرفاً في الحكم الذي قضى بالحجر على المطعون ضده الأول، وأن طلب الحجر عليه لم يقيد في السجلات التي نصت عليها المادة ) 118 ( من القانون المدني وأشارت إليها المادة ) 35 ( من القانون رقم ) 40 ( لسنة 2004 بشأن الولاية على أموال القاصرين، كما لم يؤشر بالحكم الصادر فيها بتلك السجلات، فلا يكون لهذا الحكم حجية قبله لعدم اتصال علمه به لا حقيقة ولا حكماً، وإذ اعتبره الحكم المطعون فيه حجة عليه وقضى بناء على ذلك بعدم قبول دعوى الشفعة التي رفعها على المطعون ضده الأول لثبوت نقص أهليته بموجب حكم الحجر المشار إليه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.
ومن حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت حجية الأحكام- وعلى نحو ما نصت عليه المادة ) 300 ( من قانون المرافعات- تقوم على أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها أن حكم القاضي هو عنوان الحقيقة بما فرضه المشرع فيه من حجية لا يجوز معها إعادة طرح النزاع من جديد أو قبول إثبات ما يخالفه وذلك رعاية لحسن سير العدالة وضماناً للاستقرار أو اتقاء تأبيد المنازعات أو وقوع تعارض بين الأحكام وهي أمور متعلقة بالنظام العام بل وتسمو على اعتباراته، فإن مؤدى ذلك أن الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية، ويقتصر أثر هذه القرينة على تخويل الخصوم حق التمسك بها والمحاكم حق إثارتها من تلقاء نفسها، كما يتوقف مداها- من حيث كونها مطلقة أو نسبية- على طبيعة ونوع المسألة التي قامت عليها تلك الحقيقة ومدى تعلقها بالنظام العام ومصلحة المجتمع العامة أو بمصالح الأفراد الخاصة، فإن كانت متعلقة بمصالح عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع، وكانت سلطة المحكمة في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم ولا مرهونة بما يقدمونه من أدلة، وذلك كالمسائل الجنائية أو مسائل الأحوال الشخصية والتي تأبى طبيعتها إلا أن تكون عامة، فإن حجيتها تكون مطلقة وقبل الناس كافة، أما إذا كانت متعلقة بمصلحة الأفراد الخاصة أو حقوقهم الذاتية ومرهونة بالتالي بإرادة الخصوم وما يقدمونه من أدلة فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على أطرافها دون سواهم، وإذ كانت مسائل الأحوال الشخصية وهي مجموعة متميزة من الصفات الطبيعية أو العائلية للشخص رتب القانون عليها أثراً في حياته الاجتماعية ككونه ذكراً أو أنثى وكونه زوجاً أو مطلقاً وكونه أباً أو إبناً وكونه كامل الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون، وباعتبار أنها تقوم على تقرير مراكز قانونية أو حالات أو صفات معينة يرتب عليها القانون أثراً في الحياة الاجتماعية للأشخاص، فإن الأحكام الصادرة بشأنها تكون لها بهذه المثابة حجية مطلقة قبل الكافة، وذلك دون التفات لما إذا كانت تلك الأحكام مقررة أو منشئة لما تضمنته من حقوق، إذ أن الحقيقة القضائية في مسائل الأحوال الشخصية كالاسم والأهلية والزواج والبنوة- سواء كانت الأحكام صادرة إيجابياً بالقبول أو سلبياً بالرفض- لا تعدو- وكما سلف البيان- أن تكون تقريراً لمركز قانوني أو حالة أو صفة تتميز في ذاتها بالوحدة والإطلاق وعدم القابلية للتجزئة، وترتب آثاراً من شأنها تحديد وضع الشخص في المجتمع، مما لازمه أن تكون هذه الآثار واحدة ومطلقة وعامة قبل الكافة ومسلماً بها منهم. لما كان ذلك، وكان النزاع في مواد الولاية على المال ينطوي في حقيقته على معنى الحسبة حفاظاً على أموال ناقص الأهلية وعديمها وليس بخصومة حقيقية. وكان طلب الحجر لعارض من عوارض الأهلية يستهدف مصلحة خاصة ومصالح عامة ترجع كلها إلى حفظ مال من لا يستطيع المحافظة على ما له فهو بهذه المثابة طلي شخصي لصيق بإنسان على قيد الحياة هو المطلوب الحجر عليه، إذ تستددعي حالته اتخاذ تدابير معينة لحمايته من نفسه ومن الغير، وذلك بفرض القوامة عليه بإجراءات توجه إلى شخص المطلوب الحجر عليه، وإذا كان القانون قد أجاز لأي من الأقارب أو الأشخاص طلب توقيع الحجر والحضور في إجراءاته والطعن في حكمه باعتبار أنها دعوى حسبة على ما سلف ذكره، فإن ذلك لا يعني أنه طرف في دعوى الحجر ولا خصماً للمطلوب الحجر عليه إذ أنه لا يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي قبله، ومن ثم يبقى المدعى عليه وحده هو المقصود بالحماية وصاحب الحق في الدعوى ولذلك فإنها تتوقف على وجوده وتنقضي بوفاته. وإذ كان ذلك، فإن الحكم الذي يصدر في دعوى الحجر تكون له حجية مطلقة قبل الكافة أياً كان وجه قضائه سواء بإجابة الطلب- أي بتقرير عارض الأهلية لدى المدعى عليه وبتوقيع الحجر- أو برفض الطلب- أي بنفي عارض الأهلية عن المدعى عليه وتقرير اكتمال أهليته- وذلك لأنه ينطوي في الحالتين على تقرير مركز قانوني يتحدد به وضع المدعى عليه في المجتمع وحالة رتب عليها القانون آثاراً معينة في حياته وصفة تتميز بالوحدة والإطلاق مما يقتضي أن تكون قائمة في مواجهة الكافة وأن تكون مسلماً بها منهم، ومن ثم تكون للحكم بهذه المثابة حجية مطلقة، ولا يغير من هذا أن المشرع أقام في المادتين ) 118 ( و) 119 ( من القانون المدني- وهو ذات ما رددته المادة ) 35 ( من قانون الولاية على أموال القاصرين رقم ) 40 ( لسنة 2004- من صدور قرار بالحجر على المجنون أو المعتوه وقيد هذا القرار قرينة قانونية على علم الغير بذلك، إذ أن إعمال هذه القرينة لا يكون إلا عند تقرير صحة أو بطلان التصرفات التي تصدر من المحجور عليه دون ما عدا ذلك، بمعنى أنه إذا لم يكن الأمر متعلقاً بتصرف صدر عن المحجور عليه- كاختصامه في دعوى أو مساءلته عن جريمة ارتكبها- فإنه لا يكون هناك محل لإعمال هذه القرينة. كتى كان ذلك، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده الأول قد ارتكب غشاً بأن تعمد إخفاء نقص أهليته وتجنب كل ما من شأنه أن يكشف عن ذلك بأن اشترى بشخصه الأرض المشفوع فيها ولم يوجه إليه إنذاراً يعلمه فيه البيع، ومع أن القاعدة هي أن الغش يفسد كل شيء، فإن الحكم المطعون فيه رفض دفاعه المتقدم ورد عليه بأسباب لا تصلح لدحضه، مما يعيبه بما يستوجب تمييزه.
ومن حيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الحكم الصادر بالحجر على المعتوه- وعلى نحو ما سبق بيانه- حجة على الكافة حتى ولو خفي أمره على البعض، وكان الأصل في صحة انعقاد الخصومة أن يكون طرفاها أهلاً للتقاضي وإلا قام مقامهما من يمثلهما قانوناً، وعلى من يريد عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصمه من وفاة أو تغيير في الصفة أو الحالة حتى تأخذ الخصومة مجراها القانوني الصحيح، فإن ما أثاره الطاعن في وجه النعي من دفاع لا يكون مستنداً إلى أساس صحيح في القانون ولا يعيب الحكم المطعون فيه إطراحه، ويضحى النعي على أسبابه في هذا الخصوص- وأياً كان وجه الرأي فيها- غير منتج ولا جدوى منه، ومن ثم غير مقبول.
ومن حيث إن االطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول سدد في قلم الكتاب عند تقديم صحيفة الاستئناف رسماً قدره مائة ريال حال إن الاستئناف يستحق عليه- بالنظر إلى قيمة العقار المشفوع فيه- رسماً يتجاوز هذا المبلغ وهو ما كان يوجب على محكمة الاستئناف أن تقضي بعدم جواز نظر الدعوى إعمالاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة ) 529 ( من قانون المرافعات، غير أن المحكمة- ومع تمسك الطاعن أمامها بهذا الدفاع- فصلت في الدعوى بما يعيب حكمها المطعون فيه ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه ولئن كانت دعوى الشفعة باعتبارها متعلقة بملكية العقار المشفوع فيه تعد من الدعاوى المعلومة القيمة لأن قيمتها تقدر بقيمة ذلك العقار عملاً بحكم المادة ) 534 ( من قانون المرافعات، وكان رسم الاستئناف في الدعاوى المعلومة يقدر على أساس الفئات المبينة في المادة ) 532 ( من ذلك القانون، إلا أنه لما كانت المخالفة المالية في القيام بعمل إجرائي لا يترتب عليها بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على غير ذلك، وكان القانون لم ينص على بطلان الاستئناف لعدم سداد رسومه، وكانت المادة ) 529 ( من قانون المرافعات ولئن أوجبت على المحكمة استبعاد الدعوى التي لم تسدد عنها الرسوم المقررة من جدول القضايا إلا أنها لم ترتب على مخالفة هذا الوجوب بطلان الحكم الذي يصدر في تلك الدعوى، فإن محكمة الاستئناف- وبفرض أن المطعون ضده الأول لم يسدد رسم الاستئناف كاملاً- إذ لم تستبعد الدعوى من جدول القضايا ومضت في نظرها وفصلت فيها، فإن هذا لا يعيب الحكم الذي أصدرته ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.