جلسة 24 من يونيو سنة 2008
الطعن رقم 58 لسنة 2008 تمييز مدني
) 1 ( بطلان "بطلان الطعن بالتمييز". تجزئة "أحوال عدم التجزئة". تمييز "الخصوم في الطعن". نظام عام.
إغفال اختصام بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه بالتمييز الصادر في التزام بالتضامن. أثره. بطلان الطعن. المادتان ) 162/2 ( مرافعات و) 4/2 ( ق12 لسنة 2005 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية. تعلق ذلك بالنظام العام.
) 2-4 ( خبرة "تقدير عمل الخبير". محكمة الموضوع "سلطتها في تحصيل فهم الواقع وتقدير الأدلة وعمل الخبير".
) 2 ( محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة لها والأخذ بما تطمئن إليه منها.
) 3 ( تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين تقارير الخبراء والأخذ بأحدها دون الآخر. استقلال محكمة الموضوع به. عدم التزامها بإجابة طلب ندب خبير آخر متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وأوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
) 4 ( أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه. مؤداه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه. علة ذلك.
1- مفاد نص المادة ) 162/2 ( من قانون المرافعات والمادة ) 4/2 ( من القانون رقم ) 12 ( لسنة 2005 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية، أنه إذا أغفل الطاعن اختصام بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه بالتمييز والصادر في التزام بالتضامن كان طعنه باطلاً، ومن ثم غير مقبول، وأن ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة ) 162 ( السالفة الذكر من أحكام إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام، مما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة إعمالها من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى في موضوع طلب الإدخال لصالح المطعون ضدها والخصم المدخل بانتفاء مسئوليتهما ورفض طلب الطاعن إلزامهما بالتعويض بالتضامن فيما بينهما، وإذ خلت صحيفة الطعن بالتمييز من اختصام مكتب ) ( المهندس الاستشاري أحد المحكوم لهما، فإن الطعن في خصوص قضاء الحكم المطعون فيه في طلب إلزام المطعون ضده والخصم المدخل بالتعويض بالتضامن فيما بينهما يكون غير مقبول.
2- المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة لها والأخذ بما تطمئن إليه منها.
3- المقرر – أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين تقارير الخبراء والأخذ بأحدها دون الآخر هو مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا عليها إن لم تستجب لطلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دامت قد وجدت أن في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
4- المقرر – أنه متى أخذت محكمة الموضوع بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسانيد التي أوضحها في تقريره لاقتناعها بصحتها، فلا عليها إن هي لم ترد على الطعون الموجهة إلى ذلك التقرير، إذ في أخذها به محمولاً على أسباب ما يفيد أنها لم تجد ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم ) ( بطلب إلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ 335,980 ريال تعويضاً عما أصابه من أضرار نتيجة إخلالها بتنفيذ التزاماتها بعقد المقاولة المبرم بينهما. وأثناء نظر الدعوى ادخل الطاعن خصماً جديداً في الدعوى هو ) ( وطلب إلزامه والمطعون ضدها بأن يؤديا إليه بالتضامن فيما بينهما مبلغ 500 ألف ريال تعويضاً عما لحقه من أضرار من جراء ما ظهر من عيوب في المبنى نتيجة إخلالهما بالتزاماتهما التعاقدية معه، وقال في بيان ذلك إنه تعاقد مع المطعون ضدها، على استكمال بناء لفيلا خاصة وتعاقد مع الخصم المدخل باعتباره مكتباً استشارياً هندسياً للإشراف على أعمال البناء إلا أن المطعون ضدها أخلت بالتزاماتها التعاقدية ولم تقم بتنفيذ الأعمال وفقاً للمواصفات المتفق عليها والأصول الهندسية، كما أخل الخصم المدخل بالتزامه بالإشراف على أعمال المباني بما ترتب عليه أن جاءت معيبة. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن تعويضاً مقداره ستة آلاف ريال ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 516/2007. وبتاريخ 27/2/2008 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة المشورة – حددت جلسة لنظره.
وحيث إن مفاد المادة ) 162/2 ( من قانون المرافعات والمادة ) 4/2 ( من القانون رقم ) 12 ( لسنة 2005 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية أنه إذا أغفل الطاعن اختصام بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه بالتمييز والصادر في التزام بالتضامن كان طعنه باطلاً ومن ثم غير مقبول، وأن ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة ) 162 ( السالفة الذكر من أحكام إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام مما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة إعمالها من تلقاء نفسها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى في موضوع طلب الإدخال لصالح المطعون ضدها والخصم المدخل بانتفاء مسئوليتهما ورفض طلب الطاعن إلزامهما بالتعويض بالتضامن فيما بينهما وإذ خلت صحيفة الطعن بالتمييز من اختصام مكتب الأقصى للاستشارات الهندسية ) المهندس الاستشاري ( أحد المحكوم لهما، فإن الطعن في خصوص قضاء الحكم المطعون فيه في طلب إلزام المطعون ضده والخصم المدخل بالتعويض بالتضامن فيما بينهما يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن – فيما عدا ما تقدم – استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال في ثلاثة أسباب حاصلها أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان تقرير الخبير المقدم أمام محكمة أول درجة لافتقاره إلى الأصول الفنية في أعمال الخبرة الهندسية، إذ انتهى إلى أن تأخر المطعون ضدها في إتمام أعمال البناء في الموعد المتفق عليه يرجع إلى عدم قيام الطاعن بإنهاء أعمال السباكة من جانبه رغم عدم التلازم بينهما وخلا التقرير من بيان أسباب الشروخ التي اعتورت أعمال البلاستر والتي يتكلف إصلاحها مبلغ 35 ألف ريال فضلاً عن عدم مطابقته بالتصميمات الخاصة بالأسوار لبيان وجه الاختلاف بينهما وبين ما تم تنفيذه فعلاً وهو ما ترتب عليه عدم تمكنه من الانتفاع بالمبنى في الموعد المتفق عليه، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن وأخذ بتقرير الخبير وأغفل الأخذ بتقريرين هندسيين آخرين مقدمين بالأوراق ولم يتناول دفاع الطاعن بشأن إتمام أعمال المباني من غير مهندس مختص ويقضي بطلب الطاعن ندب خبير آخر بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة لها والأخذ بما تطمئن إليه منها، وأن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين تقارير الخبراء والأخذ بأحدها دون الآخر هو مما تستقل به تلك المحكمة، ولا عليها إن لم تستجب لطلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دامت قد وجدت أن في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، فإن هي أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسانيد التي أوضحها في تقريره لاقتناعها بصحتها، فلا عليها إن هي لم ترد على الطعون الموجهة إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم مسئولية المطعون ضدها عن الأعمال الغير منفذة لارتباطها بالأعمال المنوط بالطاعن تنفيذها والتي لم تنفذ حتى تاريخ معاينة المبنى وأن عيوب الأعمال المنفذة بسيطة وغير مؤثرة في المبنى المنشأ وسهلة الإصلاح، وقدر المبلغ المناسب لإصلاح تلك العيوب وألزم به المطعون ضدها على سند من اطمئنانه إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير محمولاً على أسبابه المؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان ذلك كافياً لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن يضحي جدلاً في تقدير الدليل لا تجوز إثارته لدى محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.