محكمة التمييز - الدائرة المدنية والتجارية - رقم: 14 /2009

بطاقة الحكم: المحكمة: محكمة التمييز الدائرة: الدائرة المدنية والتجارية الرقم: 14السنة: 2009تاريخ الجلسة: 24/03/2009
هيئة المحكمة :أحمد محمد فرحات - أحمد محمود كامل - أحمد سعيد خليل -
طباعة
 

جلسة 24 من مارس سنة 2009

الطعن رقم 14 لسنة 2009 تمييز مدني

) 2،1 ( تمييز "شروط قبول الطعن: المصلحة: المصلحة النظرية" "نطاق الطعن" "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل". حكم "الطعن فيه: نطاق الطعن". دعوى "المصلحة في الدعوى".

) 1 ( الطعن بالتمييز. نطاقه. ما فصل فيه الحكم المطعون عليه صراحة أو ضمناً. النعي الوارد على الحكم الابتدائي ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه. غير مقبول.

) 2 ( المصلحة النظرية البحتة. عدم صلاحيتها أساساً للطعن بالتمييز.

) 3-5 ( أموال "الأموال العامة" "الأموال الخاصة للدولة". تسجيل ملكية.

) 3 ( التعرف على صفة المال العام. معياره. التخصيص للمنفعة العامة. التخصيص يكون بموجب قانون أو بالفعل. م) 57 ( مدني.

) 4 ( المال المملوك للدولة ملكية خاصة. تخصيصه للمنفعة العامة. سبيله. تهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها.

) 5 ( المساجد ومواقف السيارات الكائنة بالأسواق التي تنشئها الدولة على أراضيها للنفع العام. اعتبارها أموالاً عامة مملوكة للدولة. عدم جواز التعامل عليها أو نقل ملكيتها. م) 57/2 ( مدني. قضاء الحكم الابتدائي برفض طلب الطاعنين تسجيل أراض النزاع باسمهم. النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ لاعتباره ما قضى به الحكم الابتدائي في هذا الخصوص عن نطاق الاستئناف. لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة لا تصلح أساساً للطعن بالتمييز. علة ذلك.

) 6 ( عقد "تفسيره". محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات".

محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها استهداء بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها من محكمة التمييز. شرطه. ألا تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وأن ما انتهت إليه سائغاً ومقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها.

) 7 ( تعويض "النزول عن الحق في التعويض". حكم "تسبيبه: عيوب التدليل: ما لا يُعد كذلك".

النزول عن الحق طواعية. ليس لصاحبه- من بعد- أو خلفه العام المطالبة بالتعويض عن حرمانه من هذا الحق. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. لا أساس له.

1- محل الطعن بالتمييز- وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة- لا يكون إلا عما فصل فيه الحكم المطعون فيه لطلب تسجيل الأرض المستخدمة كمواقف للسيارات واعتبر أن الاستئناف لم يشمله وأنه خارج عن نطاقه، فإن النعي بهذا السبب يكون وارداً على الحكم الابتدائي ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه، ومن ثم غير مقبول.

2- المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن.

3- إذا نص المشرع في المادة ) 57 ( من القانون المدني على أن "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون، وأن هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم"، فقد دل على أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو تخصيصه للمنفعة العامة، وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً.

4- لما كان التخصيص للمنفعة العامة بالنسبة للمال المملوك للدولة ملكية خاصة يكون بتهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها.

5- إذ كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه ومن تقرير الخبير المعين في الدعوى أن الأرض التي يطلب الطاعنون تسجيلها مملوكة للدولة بموجب سندات الملكية أرقام ) -و-و-و- ( ومخصصة كمواقف سيارات للمنطقة التجارية المحيطة بها ولمسجد، وإذ تؤدي المساجد ومواقف السيارات الكائنة بالأسواق والتي تنشئها الدولة على أراضيها خدمة عامة بسبب إتاحتها للكافة، فإن لازم ذلك أن تعتبر الأرض التي يطلب الطاعنون نقل ملكيتها إليهم من الأموال العامة التي تخرج عن دائرة التعامل بحكم الفقرة الثانية من المادة ) 57 ( آنفة البيان، فلا يجوز نقل ملكيتها إلى الطاعنين ما دامت محتفظة بتخصيصها للمنفعة العامة، ويكون طلب الطاعنين تسجيلها باسمهم حقيقياً بالرفض، وإذ قُضي ابتدائياً برفض هذا الطلب، فإن مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أخطأ عندما اعتبر أن ما قضى به الحكم الابتدائي في خصوص هذا الطلب يخرج عن نطاق الاستئناف تكون محض مصلحة نظرية لا يؤبه بها، إذ لو صح هذا المنعى ومُيز الحكم المطعون فيه وأحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف، لكان مآل الطلب المشار إليه هو الرفض.

6- المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة من محكمة التمييز عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً ومقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها.

7- إذ لا يقبل ممن نزل طواعية عن حق- أو من خلفه العام- أن يطالب بالتعويض عن حرمانه من هذا الحق، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب التعويض المبدى من الطاعنين، لا يكون مشوباً بما يعيبه، ويضحى النعي على غير أساس.

---

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1416/2005 على المطعون ضدهم بطلب الحكم أولاً: بإلزام المطعون ضده الثاني في مواجهة المطعون ضدهما الآخرين بتسجيل المساحات التي اغتصبت من الأرض المملوكة لهم والمبينة بالصحيفة. ثانياً: بإلزام المطعون ضده الأخير بتعويضهم عن تلك المساحات تعويضاً عادلاً وفقاً لقانون نزع الملكية وقالوا بياناً لطلبيهما إن مورثهم المرحوم ) ــــ ( كان يملك أرضاً تقع في مواجهة السوق المركزي وقد قامت إدارة التخطيط العمراني بتخطيطها. وتنفيذاً لهذا المخطط أقيمت عليها محلات تجارية عرفت باسم سوق ) ــــ (، وإذ سلموا بعد ذلك سندات ملكية عن مباني السوق فقط دون الأراضي التي تتوسطه المستعملة كمواقف سيارات للمترددين على السوق والتي تركت استجابة لمقتضيات المخطط مع أنها تدخل في ملكها فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعنون وقيد استئنافهم برقم 841/2007، وبتاريخ 30/11/2008 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق التمييز، وعرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة المشورة- فحددت جلسة لنظره.

ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل النعي بالسبب الثاني منها أن محكمة أول درجة رفضت طلبهم إلزام إدارة التسجيل العقاري والتوثيق بتسجيل الأرض المستخدمة كمواقف للسيارات بأسباب غير سائغة قوامها تفسير خاطئ لكتابين صادرين عن مورثهم خرجت فيه المحكمة عن المعنى الظاهر لعبارتهما ويتناقض مع ماديات الدعوى، مما يعيب حكمها بما يبطله.

ومن حيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن محل الطعن بالتمييز- وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة- لا يكون إلا عما فصل فيه الحكم المطعون فيه صراحة أو ضمناً، وإذ لم يتعرض الحكم المطعون فيه لطلب تسجيل الأرض المستخدمة كمواقف للسيارات واعتبر أن الاستئناف لم يشمله وأنه خارج عن نطاقه، فإن النعي بهذا السبب يكون وارداً على الحكم الابتدائي ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه، ومن ثم غير مقبول.

ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن نطاق الاستئناف من حيث أجزاء الحكم المراد الطعن عليها إنما يتحدد بما تضمنته صحيفته، وإذ طلبوا في صحيفة استئنافهم إلغاء الحكم الابتدائي برمته والقضاء لهم بطلباتهم أمام محكمة أول درجة، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن الاستئناف لم يشمل ما قضى به الحكم الابتدائي من رفض طلب إلزام إدارة التسجيل العقاري والتوثيق بتسجيل الأرض المخصصة كمواقف للسيارات يكون قد خالف الثابت بالأوراق بما حجبه عن الفصل في هذا الطلب مما يعيبه ويستوجب تمييزه.

ومن حيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن، وكان المشرع إذ نص في المادة ) 57 ( من القانون المدني على أن "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون، وأن هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم"، فقد دلّ على أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو تخصيصه للمنفعة العامة، وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً، ولما كان التخصيصي للمنفعة العامة بالنسبة للمال المملوك للدولة ملكية خاصة يكون بتهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها، وكان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه ومن تقرير الخبير المعين في الدعوى أن الأرض التي يطلب الطاعنون تسجيلها مملوكة للدولة بموجب سندات الملكية أرقام ) ـــــ،ـــــ،ــــــ ( ومخصصة كمواقف سيارات للمنطقة التجارية المحيطة بها ولمسجد، وإذ تؤدي المساجد ومواقف السيارات الكائنة بالأسواق والتي تنشئها الدولة على أراضيها خدمة عامة بسبب إتاحتها للكافة، فإن لازم ذلك أن تعتبر الأرض التي يطلب الطاعنون نقل ملكيتها إليهم من الأموال العامة التي تخرج عن دائرة التعامل بحكم الفقرة الثانية من المادة ) 57 ( آنفة البيان، فلا يجوز نقل ملكيتها إلى الطاعنين ما دامت محتفظة بتخصيصها للمنفعة العامة، ويكون طلب الطاعنين تسجيلها باسمهم حقيقياً بالرفض، وإذ قضي ابتدائياً برفض هذا الطلب فإن مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أخطأ عندما اعتبر أن ما قضى به الحكم الابتدائي في خصوص هذا الطلب يخرج عن نطاق الاستئناف تكون محض مصلحة نظرية لا يؤبه بها، إذ لو صح هذا المنعى وميز الحكم المطعون فيه وأحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف لكان مآل الطلب المشار إليه هو الرفض.

ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وبياناً لذلك يقولون إن الحكم رفض طلب تعويضهم عن المساحة التي استقطعت من أرضهم وخصصت للخدمات العامة تأسيساً على أن مورثهم قد تنازل عنها للدولة لتنفيذ مخططها العمراني بمقتضى كتب صادرة عنه لم يتمسك فيها بحقه في التعويض عن تلك المساحة في حين أن الكتب الصادرة عن المورث لا تفيد سوى موافقته على مخطط الأرض كما أعدته إدارة التخطيط العمراني وليس فيها ما يشير إلى تنازله عن المطالبة بما يستحق له من تعويضات، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

ومن حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة من محكمة التمييز عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً ومقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها. ولما كان الواقع في الدعوى كما تكشف عنه أوراقها أن مورث الطاعنين قد تقدم إلى وزارة الشئون البلدية بطلب لمعاملة الجزء المقابل للسوق المركزي من أرض يملكها ومخططة باعتبارها منطقة سكنية كمنطقة تجارية، فووفق على طلبه على أن يكون ذلك بمراعاة الشروط الخاصة بتخطيط المنطقة التي تستلزم ترك مساحات للاستخدام العام ويشمل الشوارع والمواقف والمساحات المخصصة للمرافق والخدمات، مع الابتعاد لمسافة أربعين متراً عن الشارع الرئيسي، وتم تخطيط الأرض وعُرض المخطط على المورث فحرر في 14 فبراير و8 مارس كتابين وجههما إلى مدير إدارة التخطيط العمراني أبدى فيهما موافقته على المخطط وتعهد بإزالة ما هو مقام على الأرض من منشآت تتعارض معه وأورى بقبوله أن تكون المساحات المخصصة للخدمات العامة كما وردت بالمخطط ملكاً للدولة وأنه تقتصر ملكيته على منطقة السوق كما هي مبينة فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص مما تقدم أن مورث الطاعنين تنازل للدولة عن ملكية الأرض المخصصة لإقامة الخدمات العامة نظير موافقتها على تعديل تخطيط أرضه لتُمسي تجارية بعد أن كانت سكنية ولأن التعديل على هذا النحو والذي تم بناء على طلبه كان رهيناً بتوفير مساحات لتلك الخدمات، فإن ذلك يكون استخلاصاً سائغاً لا يجافي المنطق وتحتمله عبارات الكتابين الصادرين عن المورث وما صادفهما من ظروف ويدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وإذ لا يقبل ممن نزل طواعية عن حق- أو من خلفه العام- أن يطالب بالتعويض عن حرمانه من هذا الحق، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب التعويض المبدى من الطاعنين لا يكون مشوباً بما يعيبه ويضحى النعي على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

---
 

© 2017 حكومة دولة قطر. حميع الحقوق محفوظة.