جلسة 24 أبريل سنة 2007
الطعن رقم 16 لسنة 2007 تمييز مدني
) 1 ( حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية: نطاق الحجية ومداها".
حجية الحكم. اقتصارها على ما فصل فيه في المنطوق وما اتصل به من الأسباب اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة بدونها. ما عدا ذلك من الأسباب الزائدة عن حاجة الدعوى. لا يكون موضوعاً لحكم يحوز الحجية.
) 2 ( استئناف "الأثر الناقل للاستئناف" "الطلبات في الاستئناف" "الحكم في الاستئناف: التصدي لما أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه".
الاستئناف. لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصلت فيها محكمة أول درجة. مؤداه. عدم جواز تصدي محكمة الاستئناف لما أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه. علة ذلك.
1-المقرر - أن المرجع في حقيقة ما فصلت فيه المحكمة هو ما يرد في منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتمياً بحيث يكون المنطوق نتيجة لها لا يقوم له قائمة بدونها، أما عدا ذلك من الأسباب التي لا ارتباط بينها وبين المنطوق ولا تكون معه وحدة لا تقبل التجزئة فإنها لا تعدو أن تكون من النوافل التي لا تحوز أية حجية.
2- المقرر - أنه لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعرض للطلب الذي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه لأن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصلت فيها المحكمة، ومن ثم فقد كان على الحكم المطعون فيه – وبغير طلب من الخصوم – أن يقف عند حد القضاء بعدم قبول الاستئناف المرفوع على الطاعن، وما كان له أن يتصدى للفصل في موضوع الطلب الموجه إليه والذي أغفلت محكمة أول درجة للفصل فيه، لما يترتب على هذا التصدي من تفويت درجة من درجات التقاضي، مما يخل بمبدأ التقاضي على درجتين وهو من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي والذي لا يجوز للمحكمة مخالفته، ولا يجوز للخصوم النزول عنه لتعلقه بالنظام العام.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 684/2003 على الطاعن والمطعون ضدها الثانية بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا إليها مليونين وثلاثمائة وأربعة عشر ألف ريال وخمسة وثلاثين درهما مع تمكينها من استكمال باقي أعمال المقاولة، وقالت بياناً لذلك، إن الطاعن قد أسند إلى المطعون ضدها الثانية أعمال إنشاءات خاصة به، وإذ تعاقدت الأخيرة معها من الباطن على القيام بهذه الأعمال، ونفذت من جانبها بعض الأعمال المتفق عليها إلى أن أوقفها الطاعن عن العمل وقد استحق لها المبلغ المطالب به لذا فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1112/2005، وبتاريخ20/12/2006 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها الأولى ) مليونا وخمسمائة واثني عشر ألف وثمانمائة وخمسة وثلاثين ريالاً (. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره.ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه تصدى للفصل في الطلب الذي وجهته المطعون ضدها الأولى إليه رغم أنه مازال باقياً على أصله معلقاً أمام محكمة أول درجة لم تقض فيه بعد مما يعيبه بما يستوجب تمييزه.وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المرجع في حقيقة ما فصلت فيه المحكمة هو ما يرد في منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاًِ حتمياً بحيث يكون المنطوق نتيجة لها لا يقوم له قائمة بدونها، أما ما عدا ذلك من الأسباب التي لا ارتباط بينها وبين المنطوق ولا تكون معه وحدة لا تقبل التجزئة فإنها لا تعدو أن تكون من النوافل التي لا تحوز أية حجية. لما كان ذلك وكانت الدعوى قد أقيمت بطلب إلزام الطاعن والمطعون ضدها الثانية بأن يدفعا إلى المطعون ضدها الأولى ما هو مستحق لها بسبب تنفيذها لأعمال المقاولة التي تعاقدت مع الأخيرة على القيام بها ، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون قد رفعت بطلبين مستقلين أحدهما موجه إلى المطعون ضدها الثانية، مؤسس على العقد المبرم بينها وبين المطعون ضدها الأولى، والثاني موجه إلى الطاعن، وسببه القانون الذي يجعل للمقاول من الباطن الحق في أن يرجع مباشرة على صاحب العمل بما هو مستحق له في ذمة المقاول الأصلي، وإذ دفع كل من الطاعن والمطعون ضدها الثانية بعدم قبول الدعوى الموجهة إليه لوجود شرط التحكيم في العقد المبرم بين المطعون ضدهما فحكمت محكمة أول درجة بتاريخ 30/12/2003 برفض هذا الدفع بالنسبة للطاعن لأنه لم يكن طرفاً في العقد الذي تضمن الاتفاق على التحكيم ثم عادت في حكمها الصادر بتاريخ30/11/2005 وحكمت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم بعد أن أوردت في الأسباب أنها بحكمها المؤرخ 30/12/2003 قد استنفدت ولايتها في شأن الدفع المبدى من الطاعن وأنها تقضي قضاءها بناء على الدفع المبدى من المطعون ضدها الثانية، فإن ما جرى به منطوق حكمها الصادر بتاريخ30/11/2005 لا يمكن أن ينصرف إلا إلى الشق من الطلبات الموجهة إلى المطعون ضدها الثانية، أما الطلب الموجه إلى الطاعن فقد وقفت في خصوصه عند حد الحكم برفض الدفع بعدم قبوله وأغفلت - خطأ أو سهواً - الفصل في موضوعه. لا ينال من هذا النظر ما تضمنته أسباب الحكم الأخير من أن إقامة الدعوى قبل المدعى عليه الثاني - رب العمل الأصلي - إذ كان يجد صداه في حكم المادة ) 702 ( من القانون المدني فإن ذلك إنما يكون إعمالاً للمادة ) 270 ( وما بعدها من ذات القانون عند توافر الشروط المقررة لذلك,إذ أن هذه الأسباب - وأيا كان وجه الرأي فيها - لا ارتباط بينها وبين المنطوق الذي يبين من الأسباب المرتبطة به - وعلى ما سلف ذكره- أنه أقتصر على القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية لوجود شرط التحكيم في العقد المبرم بينها وبين المطعون ضدها الأولى وإذ لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعرض للطلب الذي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه لأن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصلت فيها المحكمة ومن ثم فقد كان على الحكم المطعون فيه - وبغير طلب من الخصوم - أن يقف عند حد القضاء بعدم قبول الاستئناف المرفوع على الطاعن، وما كان له أن يتصدى للفصل في موضوع الطلب الموجه إليه والذي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه، لما يترتب على هذا التصدي من تفويت درجة من درجات التقاضي، مما يخل بمبدأ التقاضي على درجتين وهو من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي والذي لا يجوز للمحكمة مخالفته، ولا يجوز للخصوم النزول عنه لتعلقه بالنظام العام. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يتعين تمييزه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.وحيث إن الاستئناف صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للطاعن. لذلكميزت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها المصروفات وحكمت في الاستئناف رقم 1112/2005 بعدم قبوله بالنسبة للطاعن وألزمت المطعون ضدها الأولى مصروفاته.