27 يناير 2023 م
06 رجب 1444 هــ
English
جلسة 17 من مارس سنة 2009
الطعن رقم 3 لسنة 2009 تمييز مدني
(2،1) تعويض "الخطأ الموجب للتعويض". تمييز "سلطة محكمة التمييز". مسئولية "المسئولية التقصيرية: من عناصرها: الخطأ" "من صورها: المسئولية الطبية". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية".
(1) المسئولية الطبية: التزام الطبيب ببذل العناية الصادقة في سبيل شفاء المريض. مناطه. ما يقدمه طبيب يقظ من أواسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة بصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها. مؤداه. وجوب أن يكون الخطأ المهني ثابتاً بصورة واضحة وأكيدة بأن يخالف الطبيب في سلوكه عن جعل أو تهاون أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العلمية الأساسية التي لا مجال للجدل أو الخلاف فيها.
(2) تكييف الفعل المؤسَس عليه طلب التعويض بالخطأ أو نفى هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة التمييز. امتداد هذه الرقابة إلى تقدير الوقائع للتحقق من صحة استخلاص الخطأ منها والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه. (مثال بشأن نفى الخطأ الطبي الموجب للتعويض).
1- مسئولية الطبيب لا تقوم في الأصل على أنه يلتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه، وواجب الطبيب في بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أواسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة بصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها، ويجب أن يكون الخطأ المهني ثابتاً ثبوتاً ظاهراً بصفة قاطعة بأن يثبت بصورة واضحة أكيدة أنه قد خالف في سلوكه عن جهل أو تهاون أصول الفن الطبي الثابتة، وقواعده العلمية الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف.
2- المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن تكييف الفعل المؤسَس عليه طلب التعويض بأنه خطأ او نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة التمييز، وتمتد هذه الرقابة إلى تقدير الوقائع فيما يستلزم التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، وكان الثابت في تقرير الخبرة أنه (اجتمعت أراء أكثر من جهة طبية على أن تشخيص الورم المستأصل من المطعون ضدها وقت اكتشافه سنة 1999 كان انتقالات لورم ميلا نوما ، ومن المرجح أنه لم يتم تشخيص الورم عام 1999 على أنه بيكوما نظراً لندرة هذا النوع من الأورام في تلك الآونة، وأنه حتى الآن وطبقاً للأبحاث والتقارير الطبية المنشورة بالمجلات العلمية والطبية لا يزال يعتبر البيكوما من الأورام النادرة، وأن عدد الحالات التي تم تشخيصها لا يزال محدوداً، وقد جاء تشخيص مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض حيث أعيد سنة 2006 فحص بعض الشرائح النسيجية للورم المستأصل بأنه بيكوما استناداً إلى مؤشرات من بينها إيجابية شديدة للواسم الميلانيني، وبرتين ../S، بينما واستناداً إلى المراجع العلمية فإن وجود برةتين ../S يتفق مع تشخيص الورم إلى كونه ميلوناما ويعارض كونه بيكوما، لأن الحالات التي تم تشخيصها على أنها بيكوما كانت سلبية بالنسبة لهذا البروتين، وأن أطباء مستشفى الملك فيصل أخذوا من استقرار حالة المريضة الصحية منذ اكتشاف الورم سنة 1999 حتى تاريخ إعادة فحص نسيج الورم بالرياض سنة 2006 مؤشراً إلى كون الورم حميد، ثم خلص التقرير إلى أن البحث يوضح أن تشخيص هذا النوع من الأورام النادرة ليس بالأمر السهل، وأن التباين في آراء الأطباء أمر وارد نظراً لتشابه المشاهدات المناعية النسيجية الكيميائية لتلك الأورام)، ومن ذلك يتأكد أن تشخيص أطباء الطاعنة للورم المستأصل من المطعون ضدها سنة 1999 على أنه ورم خبيث (ميلانوما) واستمرار متابعة حالتها، هو أمر لا ينطوي على أية مخالفة سواء عن جهل أو تهاون لأصول الفن الطبي الثابتة ولا للقواعد العلمية الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف، ولا يغير من ذلك أن نتيجة إعادة فحص بعض شرائح الورم سنة 2006 قد ذهبت إلى أنه بيكوما أي ورم حميد ذات مكنون خبيث، لأن ذلك أمر فيه جدل لوجود بعض دلالات الأورام الخبيثة الميلانوما مثل إيجابية البروتين ../S- وأن ذلك التشخيص الذي تم سنة 2006 قد استند إلى استقرار حالة المطعون ضدها منذ استئصال الورم وحتى ذلك التاريخ- ومن ثم يكون هناك تباين في الرأي بين الأطباء شأنه، بما ينفي عن تشخيص أطباء الطاعنة لمرض المطعون ضدها وإجراءاتهم في شأن علاجها ثمة خطأ يستوجب المساءلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 757/2006 مدني كلي بطلب إلزام الطاعنة بأن تؤدي لها مليوني ريال، وقالت بياناً لدعواها إنها بتاريخ 15/5/1999 توجهت إلى المستشفى- الطاعنة- بسبب شعورها بألم في البطن وهي حامل فقرر الأطباء ضرورة إجهاضها بعملية قيصرية، وأثناء إجرائها اكتشف وجود ورم بالبطن فتم استئصاله، وجرى تحليله بالمستشفةى وجاء تقرير المختبر في 31/5/1999 بما يفيد أنه ورم سرطاني من نوع ميلانوما، ورفضت الخضوع للعلاج الكيماوي أو الإشعاعي، وإن ظلت تتردد على المستشفى لمتابعة حالتها لسنوات وهي تعاني الخوف والقلق والامتناع عن الحمل والإنجاب، وفي سنة 2006 أرسلت عينة من الورم المستأصل إلى مستشفى الملك فيصل بالسعودية، وجاءت نتيجة الفحص أن الورم حميد وليس ورماً خبيثاً من نوع الميلانوما، وبذلك تكون المستشفى الطاعنة قد ارتكبت خطأ يتمثل في عدم صحة تشخيص الورم وتحديده على أنه- وعلى غير الحقيقة- ورم خبيث مما ألحق بها الأضرار التي تطالب بالتعويض عنها، ومن ثم أقامت الدعوى. ندبت المحكمة لجنة خبراء من ثلاثة أطباء، وبعد أن أودع تقرير الخبرة حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها خمسمائة ألف ريال. استأنفت الطاعنة هذا الحكم برقم 209/2008. بتاريخ 26/11/2008 قضت محكمة الاستئناف بتعديل المبلغ المقضي به إلى ثلاثمائة ألف ريال، فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن مسئولية الطبيب تتحقق إذا ثبت أنه خالف في سلوكه عن جهل أو تقصير القواعد العلمية الأساسية أو أصول الفن الطبي، وهو ما انتفى عن سلوك أطباء الطاعنة في تشخيصهم لنوع الورم الذي استأصلوه من بطن المطعون ضدها سنة 1999، إذ حسبما جاء بتقرير لجنة الأطباء المنتدبين في الدعوى أن هذا الورم كان مصنفاً في ذلك الوقت بأنه من الأورام الخبيثة (ميلانوما) ولا بد من استئصاله، ومتابعة حالة المريض بعد ذلك، وهو ما قام به أطباء الطاعنة حتى سنة 2004 ثم توقفت المطعون ضدها بعد ذلك عن المتابعة، وتوصل البحث الطبي بعد ذلك إلى تصنيف مثل هذا الورم إلى نوعين أحدهما خبيث (ميلانوما) والآخر حميد ذا مكنون خبيث، ولا بد من استئصال الورم ومتابعة الحالة بالنسبة لكا منهما، وبذا يكون تشخيص الورم في سنة 1999 على أنه ورم خبيث ومتابعة الحالة بعد ذلك قد تم طبقاً للأصول العلمية المعترف بها، مما ينفي عن سلوك أطبائها وصف الخطأ الموجب للمسئولية، ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بإلزامها بالتعويض على سند من مسئولية أطبائها معيباً بما يستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مسئولية الطبيب لا تقوم في الأصل على أنه يلتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه، وواجب الطبيب في بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أواسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة بصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها، ويجب أن يكون الخطأ المهني ثابتاً ثبوتاً ظاهراً بصفة قاطعة بأن يثبت بصورة واضحة وأكيدة أنه قد خالف في سلوكه عن جهل أو تهاون أصول الفن الطبي الثابتة، وقواعده العلمية الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف. إذ كان ذلك، وكان المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن تكييف الفعل المؤسَس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة التمييز، وتمتد هذه الرقابة إلى تقدير الوقائع فيما يستلزم التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه. وكان الثابت في تقرير الخبرة أنه (اجتمعت أراء أكثر من جهة طبية على أن تشخيص الورم المستأصل من المطعون ضدها وقت اكتشافه سنة 1999 كان اتقالات لورم ميلانوما، ومن المرجح أنه لن يتم تشخيص الورم عام 1999 على أنه بيكوما نظراً لندرة هذا النوع من الأورام في تلك الآونة، وأنه حتى الآن وطبقاً للأبحاث والتقارير الطبية المنشورة بالمجلات العلمية والطبية لا يزال يعتبر البيكوما من الأورام النادرة، وأن عدد الحالات التي تم تشخيصها لا يزال محدوداً، وقد جاء تشخيص مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض حيث أعيد سنة 2006 فحص بعض الشرائح النسيجية للورم المستأصل بأنه بيكوما استناداً إلى مؤشرات من بينها إيجابية شديدة للواسم الميلانيني، وبروتين ../S، بينما واستناداً إلى المراجع العلمية فإن وجود بروتين ../S يتفق مع تشخيص الورم إلى كونه ميلوناما ويعارض كونه بيكوما، لأن الحالات التي تم تشخيصها على أنها بيكوما كانت سلبية بالنسبة لهذا البروتين، وأن أطباء مستشفى الملك فيصل أخذوا من استقرار حالة المريضة الصحية منذ اكتشاف الورم بالرياض سنة 2006 مؤشراً إلى كون الورم حميد، ثم خلص التقرير إلى أن البحث يوضح أن تشخيص هذا النوع من الأورام، النادرة ليس بالأمر السهل، وأن التباين في أراء الأطباء أمر وارد نظراً لتشابه المشاهدات المناعية النسيجية الكيميائية لتلك الأورام).
ومن ذلك يتأكد أن تشخيص أطباء الطاعنة للورم المستأصل من المطعون ضدها سنة 1999 على أنه ورم خبيث (ميلانوما) واستمرار متابعة حالتها هو أمر لا ينطوي على أية مخالفة سواء عن جهل أو تهاون لأصول الفن الطبي الثابتة ولا للقواعد العلمية الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف، ولا يغير من ذلك أن نتيجة إعادة فحص بعض شرائح الورم سنة 2006 قد ذهبت إلى أنه بيكوما أي ورم حميد ذات مكنون خبيث لأن ذلك أمر فيه جدل لوجود بعض دلالات الأورام الخبيثة الميلانوما مثل إيجابية البروتين ../S- وأن ذلك التشخيص الذي تم سنة 2006 قد استند إلى استقرار حالة المطعون ضدها منذ استئصال الورم وحتى ذلك التاريخ- ومن ثم يكون هناك تباين في الرأي بين الأطباء شأنه بما ينفي عن تشخيص أطباء الطاعنة لمرض المطعون ضدها وإجراءاتهم في شأن علاجها ثمة خطأ يستوجب المساءلة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بالتعويض، فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان انتفاء خطأ أطباع الطاعنة على النحو السالف بيانه تنتفي به مسئولية الطاعنة عن التعويض.