05 فبراير 2023 م
15 رجب 1444 هــ
English
جلسة 3 من يونيو سنة 2008
الطعن رقم 39 لسنة 2008 تمييز مدني
(1،2) إثبات "من إجراءات الإثبات: ندب الخبير". تمييز "أسباب الطعن: الأسباب الموضوعية". خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها بشأن تقدير عمل الخبير".
(1) تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم المختلفة. استقلال قاضي الموضوع به.
(2) أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه. مؤداه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه أو بيان سبب إطراحها تقرير الخبير الاستشاري. علة ذلك. النعي على الحكم المطعون فيه فيما خلص إليه سائغاً من تزوير المحررات المطعون عليها أخذاً بتقرير الخبير المنتدب وإطراح تقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعن. جدل موضوعي عدم جواز إثارته أمام محكمة التمييز.
(3) إثبات "من طرق الإثبات: اليمين الحاسمة". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن التعسف في توجيه اليمين الحاسمة".
اليمين الحاسمة. ملك للخصم. إلتزام القاضي بإجابة طلب توجيهها متى توافرت شروطها ولم يتبين التعسف في طلبها.
(4) تقدير التعسف في توجيه اليمين الحاسمة. من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة التمييز. شرطه. أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
1- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه، هو مما يستقل به قاضي الموضوع.
2- المقرر – أنه متى كانت محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه، فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير أو إلى بيان أسباب إطراح تقرير الخبير الاستشاري، لأن في أخذها بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى ما يفيد أنها لم تر في الطعون الموجهة للتقرير أو ما تضمنه تقرير الخبير الاستشاري ما ينال من صحة تقرير الخبير الذي أخذت به. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته (أن للمحكمة سلطة تقدير أدلة الدعوى ولا يلزمها القانون بإجراء تحقيق متى اطمئنت إلى تزوير الأوراق المطعون عليها بالتزوير ووجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها وفي تقرير خبير المختبر الجنائي بقسم أبحاث التزييف والتزوير ما يكفي لتكوين عقيدتها واقتناعها بتزوير المحررات العشرة الموضحة بالتقرير، ولا ترى المحكمة مبرراً لسماع أقوال الموظف المختص بإدارة التسجيل العقاري لكون هذه الشهادة غير منتجة في النزاع بعد أن اطمأنت المحكمة إلى تقرير معامل أبحاث التزييف والتزوير ولا ترى الأخذ بالتقرير الاستشاري المقدم من البنك الطاعن)، وكان ما أورده أسباباً سائغة وكافية لقضائه ولها أصلها الثابت بالأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لما يخالفها، فإن ما ينعى به الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة وأعمال الخبير مما لا تتسع له رقابة محكمة التمييز.
3- المقرر – أن اليمين الحاسمة ملك للخصم لا للقاضي، يجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى شريطة أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجه فيها، وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام، وللقاضي رفض توجيهها إذا كانت غير منتجة أو كان في توجيهها تعسفاً من الخصم.
4- المقرر – أن تقدير التعسف في توجيه اليمين الحاسمة من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك متى قام الحكم على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن البنك الطاعن أقام الدعوى رقم ( ) مدني كلي بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأول والثالث وكورث المطعون ضدهم ثانياً بأن يؤدوا له مبلغ 10,800,000 ريال كل في حدود قيمة العقاراتى المرهونة من قبله للبنك والفوائد المستحقة والمصاريف، وقال بياناً لدعواه إن المطعون ضده الأول رهن ثلاث عقارات والثاني عقارين والثالث عقاراً واحداً وكلها موضحة الحدود والمعالم وبأرقام محددة في عقود الرهن وصحيفة الدعوى ذلك بصفتهم كفلاء عينيين للمدين ( ) الذي تخلف عن الوفاء بالتزاماته المالية المترتبة على التسهيلات الإئتمانية الممنوحة له من قبل البنك ومن ثم أقام الدعوى. استصدر البنك أمراً على عريضة برقم ( ) بمنع التصرفات على عقارين أولهما للمطعون ضده الأول، والثاني لمورث المطعون ضدهم ثانياً. تظلم من أمر المطعون ضده الأول بالدعوى رقم ( ) مدني كلي كما تظلم مورث المطعون ضدهم ثانياً بالدعوى رقم ( ) مدني كلي. قررت المحكمة ضم الدعويين لدعوى البنك للارتباط وليصدر فيهم حكم واحد. طعن المطعون ضدهم الأول والثالث ومورث المطعون ضدهم ثانياً بالتزوير على التوقيعات المنسوبة لهم على عقود الرهن والكتب المنسوب صدورها منهم للبنك بتفويضه باتخاذ إجراءات تسجيل الرهن. ندبت المحكمة خبيراً من شعبة التزييف والتزوير بإدارة المختبر الجنائي بوزارة الداخلية لإجراء المضاهاة وبيان مدى صحة التوقيعات على المستندات المطعون عليها بالتزوير وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت في موضوع الادعاء بالتزوير برد وبطلان المحررات الستة المنسوب صدورها للمطعون ضده الأول والمحررين المنسوب صدورهما للمطعون ضده الثالث وبصحة توقيع مورث المطعون ضدهم ثانياً على عقدي الرهن الرسمي وتزوير توقيعه على الكتابين المنسوب صدورهما له بتفويض البنك باتخاذ إجراءات رهن العقارين، ثم قضت بتاريخ 15/12/2003 برفض دعوى البنك الطاعن، وفي الدعويين المنضمين بإلغاء الأمر على عريضة المتظلم منه في كل دعوى. استأنف الطاعن الحكم برقم 16/2004، كما أقام استئنافاً أخر برقم 24/2004، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين أجرت استكتاب المطعون ضدهم أمامها وفي حضور الخبير المنتدب الذي أعاد المضاهاة وانتهى إلى ذات النتيجة السابقة. حكمت المحكمة برد وبطلان المحررات التي ثبت من تقرير الخبرة تزويرها، ثم قضت بتاريخ 30/1/2008 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز، وإذ عرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره.
وحيث أن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم استند في قضائه برد وبطلان المستندات المطعون عليها بالتنزوير إلى ما أورده من اطمئنانه لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى دون أن يناقش ما تضمنه تقرير الخبير الاستشاري المقدم من البنك الذي يؤكد صحة التوقيعات ولم يعرض لما ساقه البنك من قرائن تؤيد ذلك، منها أنه لا مصلحة للبنك في تزوير مستندات كفالة لتسهيلات مصرفية كان بوسعها رفضها، مع وجود أصول مستندات ملكية العقارات المرهونة لديه، وتناقض أقوال مورث المطعون ضدهم ثانياً من أقوال المدين أمام الخبير بشأن المثول أمام موظف التوثيق الذي رفضت المحكمة سماع أقواله مما يعيد الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه هو مما يستقل به قاضي الموضوع، وأنه متى كانت محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير أو إلى بيان أسباب إطراح تقرير الخبير الاستشاري، لأن في أخذها بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى ما يفيد أنها لم تر في الطعون الموجهة للتقرير أو ما تضمنه تقرير الخبير الاستشاري ما ينال من صحة تقرير الخبير الذي أخذت به. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته (أن للمحكمة سلطة تقدير أدلة الدعوى ولا يلزمها القانون بإجراء تحقيق متى اطمأنت إلى تزوير الأوراق المطعون عليها بالتزوير ووجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها وفي تقرير خبير المختبر الجنائي بقسم أبحاث التزييف والتزوير ما يكفي لتكوين عقيدتها واقتناعها بتزوير المحررات العشرة الموضحة بالتقرير ولا ترى المحكمة مبرراً لسماع أقوال الموظف المختص بإدارة التسجيل العقاري لكون هذه الشهادة غير منتجة في النزاع بعد أن اطمأنت المحكمة إلى تقرير معامل أبحاث التزييف والتزوير ولا ترى الأخذ بالتقرير الاستشاري المقدم من البنك الطاعن)، وكان ما أورده أسباباً سائغة وكافية لقضائه ولها أصلها الثابت بالأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لما يخالفها، فإن ما ينعى به الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة وأعمال الخبير مما لا تتسع له رقابة محكمة التمييز، ويضحى النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحكمة رفضت توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدهما الأول والثالث والتي قصد بها الطاعن إثبات صحة عقود الرهن الرسمية على سند من أنها كيدية تعسفية وأن المحكمة حققت الطعن بالتزوير وتيقنت من تزوير المحررات، وأن الكتب العرفية المرتبطة بعقود الرهن ليس من شأنها إنشاء عقد الرهن حال إن الطاعن قدم تقريراً استشارياً تضمن صحة التوقيعات المطعون عليها بالتزوير خلافاً لما ورد بتقرير الخبير المنتدب ولم يستجب الحكم لطلب الإحالة للتحقيق، مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن اليمين الحاسمة ملك للخصم لا للقاضي ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى شريطة أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجه فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام، وللقاضي رفض توجيهها إذا كانت غير منتجة أو كان في توجيهها تعسفاً من الخصم، وتقدير التعسف من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك متى قام الحكم على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه رفض توجيه اليمين على سند من أن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها وإجراء الاستكتاب أمام المحكمة في حضور الخبير المنتدب في الدعوى وما ثبت بتقارير الخبرة أن التوقيعات على المستندات الرسمية والعرفية مزورة وأن نكول المطعون ضدهما الأول والثالث عن اليمين ليس من شأنه إنشاء عقد الرهن الذي لا ينعقد بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير إلا بالتسجيل عملاً بنص المادة الرابعة من القانون رقم (14) لسنة 1964 بشأن التسجيل العقاري، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.