26 يناير 2021 م
12 جمادى الآخر 1442 هــ
English
جلسة 27 من مايو سنة 2008
الطعنان رقما 44 و47 لسنة 2008 تمييز مدني
(1-4) حكم "حجيته: حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية""تسبيب الحكم: عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون". مسئولية "من صورها: المسئولية الناشئة عن الأشياء: مسئولية حارس الأشياء".دعوى "دعوى التعويض".
(1) المسئولية الشيئية. قيامها على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ. نفيها. لا يكون إلا بإثبات الحارس أن وقوع الضرر من الشئ الذي في حراسته كان بسبب قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. م(212) مدني.
(2) حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. مناطها. فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. أثره. عدم جواز إعادة بحث هذه الأمور أمام المحكمة المدنية. وجوب التزامها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان (319) إجراءات جنائية و(301) مرافعات. علة ذلك.
(3) الدعوى المدنية بطلب التعويض عن الوفاة استناداً لأحكام المسئولية الشيئية والدعوى الجنائية على مرتكب الحادث. الأساس المشترك لهما. هو سبب وفاة المجني عليه.
(4) ثبوت براءة الطاعن بحكم جنائي بات من تهمة التسبب في وفاة نجل المطعون ضده الأول تأسيساً على أن الوفاة وليدة خطأ المجني عليه. أثره. انتفاء مسئولية الطاعن المدنية المؤسسة على أحكام المسئولية الشيئية. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتباره الطاعن مسئولاً عن الوفاة وإلزامه بالتعويض استناداً إلى ما ورد بالحكم الجنائي عن سبب الوفاة غير لازم للفصل في الدعوى الجنائية ولا يكتسب الحجية أمام المحاكم المدنية. خطأ في تطبيق القانون.
1- المقرر – أنه ولئن كانت المسئولية الشيئية المقررة بالمادة (212) من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء، وبالتالي فهي لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات انه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، إلا أن هذه المسئولية ترتفع إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
2- المقرر – أن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية، وهذه الحجية لا تقتصر على ركن الخطأ وحده وإنما تشمل – على مقتضى المادتين (319) من قانون الإجراءات الجنائية و(301) من قانون المرافعات – ما فصل فيه الحكم فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور، فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له..
3- الأساس المشترك للدعوى المدنية بطلب التعويض عن الوفاة استناداً لأحكام المسئولية الشيئية والدعوى الجنائية على مرتكب الحادث هو سبب وفاة المجني عليه.
4- إذ كان البين من الأوراق أن النيابة العامة كانت قد أقامت على الطاعن الدعوى الجنائية رقم ( ) بتهمة قيادة مركبة برعونة وعدم احتراز والتسبب في وفاة شخص فقضت المحكمة ببراءته مقيمة هذا القضاء على أن وفاة المجني عليه – ابن المطعون ضده الأول – كانت وليدة خطئه، وصار هذا الحكم باتاً بعد أن قُضى بعدم قبول الاستئناف المرفوع عنه وفوات مواعيد الطعن في هذا القضاء، وإذ كان العمل غير المشروع الذي رفعت الدعوى الجنائية على أساسه هو بذاته الذي نشأ عنه الضرر الذي قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض عنه، وكان سبب وفاة المجني عليه لازماً للفصل في الدعوى الجنائية التي أقيمت على الطاعن وفي الدعوى المدنية بطلب التعويض عن وفاته، فإن الحكم الجنائي السابق يكون قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية، فيحوز في شأن هذه المسألة المشتركة حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وتتقيد هذه المحكمة بما انتهى إليه من أن وفاة ابن المطعون ضده الأول كانت بسبب خطئه، بما مقتضاه انتفاء مسئولية الطاعن المدنية المؤسسة على أحكام المسئولية الشيئية لأن هذه المسئولية – وحسبما سلف القول – ترتفع إذا ثبت أن الضرر نجم عن خطأ المضرور، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تنكب هذا النظر واعتبر الطاعن مسئولاً عن وفاة ابن المطعون ضده الأول وألزمه ترتيباً على ذلك بالتعويض مرتكناً على أحكام المسئولية الشيئية بقالة إن ما ورد بالحكم الجنائي من تقرير عن سبب الحادث وأنه كان نتيجة خطأ المجني عليه هو تزيد غير لازم للفصل في الدعوى الجنائية لا يكتسب حجية أمام المحاكم المدنية، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن ( ) أقام الدعوى رقم ( ) مدني كلي على كل من (__،__) بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بمبلغ ثلاثمائة الف ريال، وقال بياناً لها إن الأول تسبب بخطئه أثناء قيادته لسيارته في وفاة ابنه، وإذ كانت السيارة أداة الحادث مؤمناً عليها لدى الثانية وقد أصابته هو وأم المتوفى أضراراً مادية وأدبية تقدر بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى فاستأنف المحكوم ضده بالاستئناف رقم 336/2007، وبتاريخ 27/2/2008 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهما بالتضامم بتعويض مقداره مائة وخمسين ألف ريال. طعن المحكوم عليهما في هذا الطعن بطريق التمييز، وقيد طعن ( ) برقم 47/2008، كما قيد طعن شركة التأمين برقم 44/2008، نظر الطعنان أمام هذه المحكمة – في غرفة المشورة – فقررت ضمهما وحددت جلسة لنظرهما.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن في الطعن رقم 47/2008 على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ألزمه بالتعويض عن وفاة ابن المطعون ضده الأول في حادث سيارة كان يقودها استناداً إلى أحكام المسئولية الشيئية، في حين إن الثابت في الأوراق أنه حوكم جنائياً عن هذا الحادث وقضى نهائياً ببراءته تأسيساً على أن وفاة اين المطعون ضده المذكور نتجت عن خطئه، وقد كان على الحكم المطعون فيه أن يلتزم بحجية الحكم الجنائي ويقضي برفض دعوى التعويض باعتبار أن المسئولية الشيئية تنتفي بثبوت خطأ المضرور، غير أنه أهدر هذه الحجية وانتهى إلى تحقق مسئوليته عن الوفاة وألزمه تبعاً لذلك بالتعويض مما يعيبه بما يستوجب تمييزه.
ومن حيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه ولئن كانت المسئولية الشيئية المقررة بالمادة (212) من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء، وبالتالي فهي لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات انه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، إلا أن هذه المسئولية ترتفع إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، وكان من المقرر أن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية، وهذه الحجية لا تقتصر على ركن الخطأ وحده وإنما تشمل – على مقتضى المادتين (319) من قانون الإجراءات الجنائية و(301) من قانون المرافعات – ما فصل فيه الحكم فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، وأن الأساس المشترك للدعوى المدنية بطلب التعويض عن الوفاة استناداً لأحكام المسئولية الشيئية والدعوى الجنائية على مرتكب الحادث هو سبب وفاة المجني عليه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة كانت قد أقامت على الطاعن الدعوى الجنائية رقم ( ) بتهمة قيادة مركبة برعونة وعدم احتراز والتسبب في وفاة شخص فقضت المحكمة ببراءته مقيمة هذا القضاء على أن وفاة المجني عليه – ابن المطعون ضده الأول – كانت وليدة خطئه، وصار هذا الحكم باتاً بعد أن قُضى بعدم قبول الاستئناف المرفوع عنه وفوات مواعيد الطعن في هذا القضاء، وإذ كان العمل غير المشروع الذي رفعت الدعوى الجنائية على أساسه هو بذاته الذي نشأ عنه الضرر الذي قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض عنه، وكان سبب وفاة المجني عليه لازماً للفصل في الدعوى الجنائية التي أقيمت على الطاعن وفي الدعوى المدنية بطلب التعويض عن وفاته، فإن الحكم الجنائي السابق يكون قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية، فيحوز في شأن هذه المسألة المشتركة حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وتتقيد هذه المحكمة بما انتهى إليه من أن وفاة ابن المطعون ضده الأول كانت بسبب خطئه، بما مقتضاه انتفاء مسئولية الطاعن المدنية المؤسسة على أحكام المسئولية الشيئية لأن هذه المسئولية – وحسبما سلف القول – ترتفع إذا ثبت أن الضرر نجم عن خطأ المضرور. ولما كان الحكم المطعون فيه قد تنكب هذا النظر واعتبر الطاعن مسئولاً عن وفاة ابن المطعون ضده الأول وألزمه ترتيباً على ذلك بالتعويض مرتكناً على أحكام المسئولية الشيئية بقالة إن ما ورد بالحكم الجنائي من تقرير عن سبب الحادث وأنه كان نتيجة خطأ المجني عليه، هو تزيد غير لازم للفصل في الدعوى الجنائية لا يكتسب حجية أمام المحاكم المدنية، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب تمييزه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن، وإذ كان الحكم الصادر على الطاعنة في الطعن رقم 44/2008 – شركة التأمين – مترتب على الحكم الصادر على الطاعن في الطعن رقم 47/2008، لأن مسئوليتها كمؤمن ما قامت إلا بعد أن أثبت الحكم المطعون فيه مسئولية المؤمن له الطاعن في الطعن رقم 47/2008، فإن تمييز الحكم بالنسبة للأخير يستتبع – إعمالاً لنص المادة (24) من القانون رقم (12) لسنة 2005 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية – تمييزه بالنسبة للأولى دون حاجة للتعرض لأسباب طعنها.
ومن حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان الحكم المستأنف قد قضى برفض الدعوى مواكباً النظر المتقدم، فإنه يتعين القضاء بتأييده.