01 مارس 2021 م
18 رجب 1442 هــ
English
جلسة 20-3-2006
الطعن رقم 18 لسنة 2006 تمييز جنائي
(1) دستور . قبض. تفتيش" التفتيش بغير إذن".
الحرية الشخصية حق كفله الدستور . مؤدى ذلك وأساسه؟
(2) استيقاف. مأمور الضبط القضائي "سلطاتهم".
الاستيقاف . ماهيته؟ المادة ( 36 ) من قانون الإجراءات الجنائية . ما يشترط لصحة الاستيقاف؟
مثال .
(3) مواد مخدرة. استيقاف. قبض. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". تمييز "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون" .
تقدير قيام مبرر الاستيقاف أو تخلفه . موضوعي . مادام سائغا .
قضاء الحكم برفض الدفع ببطلان القبض وما تلاه من إجراءات تأسيساً على أن استيقاف الطاعن كان له ما يبرره في حين أن ظروف الواقعة تنفي المظاهر التي تبرره . خطأ في تطبيق القانون .
(4) مواد مخدرة. بطلان. قبض. محكمة التمييز"سلطتها" .
بطلان القبض وما تلاه . مقتضاه : عدم التعويل في الحكم بالإدانة على الدليل المستمد منه. خلو الدعوى من دليل آخر سوى الإجراء الباطل . يوجب تمييز الحكم وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة الطاعن . أساس ذلك؟
ــــــــــــــــ
(1) لما كانت الفقرة الأولى من نص المادة (36) من الدستور قد نصت على أن (( الحرية الشخصية مكفولة. ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون )) ومؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية – وهي من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك – سواء أكان القيد قبضاً، أم تفتيشاً أم حبساً أم منعاً من السفر أم غير ذلك من القيود على حريته الشخصية لا يجوز إجراؤه إلا وفق أحكام القانون،
(2) لما كان النص في المادة (36) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه (( يجوز لمأمور الضبط القضائي أو لرجل السلطة العامة أن يستوقف أي شخص وضع نفسه طواعية واختيارا في موضع الشبهة والريبة، على نحو ينبئ عن ضرورة التحري والكشف عن هويته )) يدل على أن الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم ومرتكبيها، ويجب لصحته أن تتوفر مظاهر تبرره إذ يتطلب أن يكون المتهم قد وضع نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقة أمره، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن مدير إدارة أمن الريان وجّه خطاباً إلى مدير إدارة مكافحة المخدرات عن ظروف القبض على الطاعن إذ جرى ضبطه والقبض عليه بالقرب من قصر الوجبة بعد مغرب يوم 8/4/2005 بمعرفة إحدى دوريات المرور التي سلمته في الساعة 8.35 من مساء اليوم نفسه إلى إدارة أمن الريان وعقب تسليمه جرى الاشتباه بوجوده بحالة غير طبيعية فأحالته إلى إدارة الخدمات الطبية حيث أخذت عينة من بوله أسفر تحليلها عن وجود آثار لتعاطي مـادة الحشيش.
(3) لما كان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاض الموضوع بغير معقب مادام لاستنتاجه ما يسوغه وكان الحكم المطعون فيه قد سوغ استيقاف الطاعن للأسباب سالفة الإشارة التي أوردتها المحكمة في معرض بيانها لواقعة الدعوى رغم أن مذكرة ضبط الطاعن لم يرد بها مبرر لهذا الاستيقاف وكل ما أفصحت عنه هو القبض عليه بداءة بالطريق العام، وإنما جرى الاشتباه في أمره بعد أن أوصلته الدورية إلى مبنى شرطة أمن الريان، ومن ثم فإن استيقافه على هذه الصورة واقتياده إلى هذا المبنى هو القبض بمعناه القانوني الذي لا يستند إلى أساس في القانون ويستطيل هذا البطلان إلى ما تلاه من تحليل عينة بول الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة هذا الإجراء ورفض الدفع ببطلان القبض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب تمييزه.
(4) لما كان بطلان القبض وما تلاه من تحليل عينة بول الطاعن مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منهما، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سوى هذا الإجراء الباطل فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الثانية من المادة (292) من قانون الإجراءات الجنائية،
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بمنطقة الوجبة تعاطى مادة مخدرة (حشيش) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً. وطلبت عقابه بالمواد (1)، (2)، (41) مكرراً من القانون رقم (9) لسنة 1987 في شأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الخطـرة وتنظيـم استعمالها والاتجار فيها ، المعدل بالقانونين رقمي (7) لسنة 1998، (20) لسنة 2003. ومحكمة الجنح قضت حضورياً بتغريمه عشرة آلاف ريال. استأنف ، والمحكمة الابتدائية - بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.فطعنت الأستاذة / ... المحامية بصفتها وكيلة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق التمييز.... ـــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعاطي مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان القبض وما تلاه من إجراءات على أن استيقاف الطاعن كان له ما يبرره في حين أن ظروف الواقعة تنفي المظاهر التي تبرره مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد مؤدى الواقعة بأنه (( في الساعة 8.35 مساء يوم الجمعة 8/4/2005 تم ضبط المتهم بالقرب من قصر الوجبة بنوع الاشتباه بحالة غير طبيعية وإرساله للتحليل وأخذ عينة من بوله ودمه ثبت تعاطيه مادة الحشيش المخدر )) ثم رد الحكم على دفع الطاعن في جلسة المحاكمة ببطلان القبض عليه لأنه تم في غير الحالات المقررة قانوناً بقوله (( وحيث أنه بالنظر إلى ظروف الزمان والمكان وما ظهر من المتهم حسبما جاء بمذكرة الضبط من كونه في حـالة غير طبيعية استدعت تدخل رجال التحريات للتأكد من شخصه والكشف عن هويته ووجهته عملاً بنص المادة (36) من قانون الإجراءات الجنائية التي تخول رجل الضبط هذه السلطة وإذ تبين له أن المتهم بحالة غير طبيعية أجرى له التحليل اللازم ومن ثم فإن الدفع ببطلان القبض والتحليل وما كشف عنه في هذا الشأن يكون على غير سند من الواقع والقانون خليقاً بالرفض )) ثم أحال الحكم في شأن ثبوت الواقعة إلى ما استدل عليه الحكم الابتدائي في هذا الخصوص من تحليل عينة بول الطاعن وثبوت احتوائها على آثار مادة الحشيش. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من نص المادة (36) من الدستور قد نصت على أن (( الحرية الشخصية مكفولة. ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون )) ومؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية – وهي من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك – سواء أكان القيد قبضاً، أم تفتيشاً أم حبساً أم منعاً من السفر أم غير ذلك من القيود على حريته الشخصية لا يجوز إجراؤه إلا وفق أحكام القانون، وكان النص في المادة (36) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه (( يجوز لمأمور الضبط القضائي أو لرجل السلطة العامة أن يستوقف أي شخص وضع نفسه طواعية واختيارا في موضع الشبهة والريبة، على نحو ينبئ عن ضرورة التحري والكشف عن هويته )) يدل على أن الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم ومرتكبيها، ويجب لصحته أن تتوفر مظاهر تبرره إذ يتطلب أن يكون المتهم قد وضع نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقة أمره، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن مدير إدارة أمن الريان وجّه خطاباً إلى مدير إدارة مكافحة المخدرات عن ظروف القبض على الطاعن إذ جرى ضبطه والقبض عليه بالقرب من قصر الوجبة بعد مغرب يوم 8/4/2005 بمعرفة إحدى دوريات المرور التي سلمته في الساعة 8.35 من مساء اليوم نفسه إلى إدارة أمن الريان وعقب تسليمه جرى الاشتباه بوجوده بحالة غير طبيعية فأحالته إلى إدارة الخدمات الطبية حيث أخذت عينة من بوله أسفر تحليلها عن وجود آثار لتعاطي مـادة الحشيش. لما كان ذلك، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاض الموضوع بغير معقب مادام لاستنتاجه ما يسوغه وكان الحكم المطعون فيه قد سوغ استيقاف الطاعن للأسباب سالفة الإشارة التي أوردتها المحكمة في معرض بيانها لواقعة الدعوى رغم أن مذكرة ضبط الطاعن لم يرد بها مبرر لهذا الاستيقاف وكل ما أفصحت عنه هو القبض عليه بداءة بالطريق العام، وإنما جرى الاشتباه في أمره بعد أن أوصلته الدورية إلى مبنى شرطة أمن الريان، ومن ثم فإن استيقافه على هذه الصورة واقتياده إلى هذا المبنى هو القبض بمعناه القانوني الذي لا يستند إلى أساس في القانون ويستطيل هذا البطلان إلى ما تلاه من تحليل عينة بول الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة هذا الإجراء ورفض الدفع ببطلان القبض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب تمييزه. لما كان ذلك، وكان بطلان القبض وما تلاه من تحليل عينة بول الطاعن مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منهما، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سوى هذا الإجراء الباطل فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الثانية من المادة (292) من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك دون حاجة إلى بحث وجه الطعن الآخر.